باستحبابها أتينا على أصل الجمهور بالنقض، لماذا؟ لأن الضعيف لا يثبت به أحكام، والاستحباب حكم شرعي اتفاقاً، ولهذا يذهب جمعٌ من أهل التحقيق أنه لا يثبت بالضعيف ولا الفضائل؛ لأن مؤدى الفضيلة إثبات أجراً مرتب على هذه الفضيلة، وإذا ترتب الأجر على الفعل ولم يترتب الإثم على الترك فهذه حقيقة المستحب، والمستحب والمسنون والمندوب مترادفة لحكم شرعي، وهو ما طلبه الشرع لا على سبيل الإلزام والإيجاب.
قال: وكما لا تجب كذلك لا تستحب، وقد سئل مالك عن ذلك، سئل مالك عن التسمية على الوضوء، فقال: أتريد أن تذبح؟ إشارة إلى أن التسمية إنما هي مشروعة عند الذبح، لكن التسمية مشروعة عند الذبح وغير الذبح، عند دخول المنزل، وعند إغلاق الباب، وعند الأكل، وعند الشرب، مشروع في كثير من الأعمال، فليست خاصة بالذبح ليقال: أتريد أن تذبح؟ على كل حال سمعنا ما في الحديث من ضعف وأن جميع ما في الباب لا يثبت به حكم بمفرداته وإن كان مجموع الأحاديث لكثرتها تدل على أن لهذه المسألة أصلاً يجعل لمن قال بالوجوب أو الاستحباب وجه.