"حدثنا قتيبة بن سعيد" أبو رجاء البغلاني، محدث خراسان، المتوفى سنة أربعين ومائتين "قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة" جرت عادة أهل الحديث أن يحذفوا (قال) في الخط من الإسناد، ويتلفظوا بها، وصرح كثير منهم بأنه لا بد من الإتيان بها، وإن قال بعضهم: إن حذفها في اللفظ تبعاً للخط لا يؤثر في الإسناد، ولذا لا يلزم الإتيان بها، وعامة أهل العلم أنه يلفظ بها، وإن لم يتأثر الإسناد بتركها "قال: حدثنا أبو عوانة" وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري، المتوفى سنة ست وسبعين ومائة، إمام ثقة حافظ، لم يتكلم فيه أحد بحجة، وإن قال بعض المعاصرين فيه ما قال اعتماداً على تصحيف وقع في كتاب، ورماه بالوضع، تصحيف قال: أبو عوانة وضاع، اسمه: وضاح هو، فقال: إنه وضاع تبعاً لهذا التصحيف، وذلك لهوى في نفسه؛ لأنه ورد عن طريقه حديث يهدم مذهبه، فقال: أبو عوانة وضاع، وهذا تصحيف جاء في كتاب من الكتب وإلا فاسمه وضاح، وتبادر إلى ذهنه أن المقصود الوصف لا الاسم، وصفه بكونه وضاعاً، لكن هذا رجل مفتون لا يلتفت إلى ما ذكر، والأئمة كلهم على توثيقه، وهو إمام متفق على إمامته، ومن رجال الكتب الستة، الوضاح بن عبد الله اليشكري قد يلتبس على من لا علم عنده ولا خبرة له بأبي عوانة صاحب المستخرج، أبو عوانة الإسفرايني صاحب المستخرج على صحيح مسلم، لكن من لديه أدنى معرفة بالتواريخ ومواليد الرواة ووفيات أهل العلم يعرف أن هذا غير هذا؛ لأن هذا متوفى سنة مائة وستة وسبعين، ولذلك له مستخرج على صحيح مسلم، يعني متأخر جداً عن الأئمة، في القرن الرابع، الالتباس بالكنية قد يظن بعض من لا خبرة له أنهما واحد وهما اثنان، ومثل هذا الالتباس لا يذكر في مثل كتاب:(الموضح لأوهام الجمع والتفريق) للخطيب الذي موضوعه التباس الرواة، حتى يجعل الواحد اثنين والاثنين واحد، قد يحصل الالتباس في الاسم يحصل الالتباس في الكنية، في النسبة، قد يحصل الالتباس في ذلك كله، وتتحد الطبقة فيجعل البخاري الراوي اثنين مثلاً أو العكس، ثم يُستدرك عليه، وغيره من الأئمة يحصل هذا كثير لوجود التشابه في الرواة، في أسمائهم، وأنسابهم، وكناهم، وطبقاتهم، وموضوع هذا أو هذا الموضوع