للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((لا تقبل صلاة بغير طهور)) لا تقبل هنا نفي للقبول، ونفي القبول في النصوص يطلق ويراد به نفي الصحة، كما أنه يطلق ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، نفي الصحة كما هنا ((لا تقبل صلاة بغير طهور)) يعني: لا تصح، ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) هذه يراد به نفي الصحة، كما أنه يطلق نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(٢٧) سورة المائدة] ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) ((لا يقبل الله صلاة عبد آبق)) ((من أتى عرافاً أو كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)) والفرق بين القبولين الفرق بينهما متى يطلق القبول ويراد به نفي الصحة؟ ومتى يطلق القبول ويراد به نفي الثواب؟ إذا أطلق نفي القبول بسبب تخلف شرط من شروط الصلاة، أو ركن من أركانها، أو جزء لا تصح إلا به، يعني إذا ترتب على انتفاء شيء مؤثر في الصلاة، أم إذا أطلق بإزاء أمر خارج عن العبادة فإنه ينفى الثواب المرتب عليها وتصح ويسقط بها الطلب، وتجزأ عند أهل العلم، لكن لا ثواب له عليها، فالعبد الآبق، إباق العبد هل له ارتباط بالصلاة؟ هل من شروط الصلاة أن يبقى البعد عند سيده في خدمته؟ ما له علاقة بالصلاة لأمر خارج عن ذات العبادة وعن شرطها، أما إذا توجه نفي القبول إلى ذات العبادة أو إلى شرطها أو جزئها الذي لا تصح إلا به اتجه القول بالبطلان، {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(٢٧) سورة المائدة] لم يقل أحد من أهل العلم: إن صلاة أو جميع عبادات الفساق مردودة، لا تصح، بمعنى أنه إذا تاب من فسقه يعيدها، لم يقل أحد من أهل العلم بهذا، إنما عباداتهم صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، لكن الثواب المرتب عليها باعتبار أن الإنسان يتقرب إلى الله -جل وعلا-، وهو متلبس بمعصية مثل هذا كيف يرجو ما عند الله من ثواب وقد تلبس بما يغضب الله -جل وعلا-؟ أهل العلم يفرقون بين أن يعود النهي إلى شرط كالسترة مثلاً، وبين أن يعود إلى أمر خارج عن شرط الصلاة أو عن ذاتها، فلا يؤثر فيها إنما يؤثر في ثوابها، فمن صلى وهو مسبل، من صلى وبيده