والقول الثاني: النضح فيهما، وأنه لا فرق بين الذكر والأنثى ما دام لم يأكلا الطعام والبول إنما هو من أثر ذلك المشروب، وأثر الشيء إذا استوى فيه الذكر والأنثى، إذا استويا في المؤثر يستويان في الأثر، ما دام الأكل هو المعول على اللبن بالنسبة للذكر والأنثى، وأثر هذا اللبن بول، سواءً كان عند ذكر أو أنثى فإذا اتحد المؤثر اتحد الأثر، هذا وجه القياس عند مالك فيما يحكى عنه والشافعي، قياس الأنثى على الذكر، وأنه لا فرق بينهما، والأحاديث كلها في الذكر، بل فيها التنصيص، في بعضها التنصيص على التفريق بين الذكر والأنثى، إضافة إلى العلة التي ذكرها ابن القيم وغيره: أن الذكر يكثر حمله من قبل الآباء فتكون المشقة أعظم ببوله دون الأنثى، والأمر الثاني: أن الذكر ينتشر بوله في أكثر من موقع على هذا يصعب تتبع هذا البول المنتشر بالغسل دون بول الأنثى الذي يصب في مكان واحد، الذي يصب في مكان واحد، فلا يصعب غسله، ويقول ابن القيم أيضاً: أن في بول الذكر من الحرارة ما لا يوجد في بول الأنثى، فيه حرارة تقضي على جزء مما يشتمل عليه هذا البول من النجاسة فتخفف نجاسته، وعلى كل حال هذه العلل وغيرها من العلل لا شك أنه يستأنس بها، لكن المعول على النص، المعول أولاً وأخراً على النص.
والقول الثالث: هما سواء في وجوب الغسل، وبه قال الحنفية والمالكية وحملوا ما جاء في هذا الحديث وغيره من الأحاديث من الرش والنضح أن المراد به الغسل.
فالغسل أصله نضح، وأصله رش، فإذا كوثر وكرر هذا النضح وهذا الرش صار غسلاً ولا فرق، لكن رواية البخاري:"فنضحه ولم يغسله" رد على هذا القول، لا يبقى لأهل هذا القول مستمسك، وفي رواية لمسلم .. ، رواية البخاري:"فنضحه ولم يغسله" وفي رواية مسلم: "فلم يزد على أن نضحه بالماء" لم يزد على ذلك بحيث يصل إلى حد الغسل.
فالراجح من هذه الأقوال القول الأول، قول أحمد وإسحاق، وعليه تدل هذه الأحاديث.
ومنهم من يلحق الكبير بالصغير، يعني وجد من يلحق الكبير بالصغير فيقول: يكتفى بالنصح في بول الصغير والكبير من الذكور دون الإناث.