"حدثنا الفضل بن سهل الأعرج البغدادي" وهو صدوق من الحادية عشرة "قال: حدثنا يحيى بن غيلان" يحيى بن غيلان بن عبد الله بن أسماء الخزاعي أو الأسلمي ثقة من العاشرة "قال: حدثنا يزيد بن زريع" البصري، ثقة ثابت، ثقة ثبت من الثامنة "قال: حدثنا سليمان" وهو ابن طرخان التيمي ثقة عابد "عن أنس بن مالك قال: إنما سمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة" يعني فعل ذلك على سبيل القصاص والمماثلة في القصاص، لا على سبيل المثلة "إنما سمل النبي -عليه الصلاة والسلام- أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة".
"قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعلم أحداً ذكره غير هذا الشيخ" الشيخ الذي ذكره عن يزيد بن زريع إنما هو يحيى بن غيلان، وكونه تفرد به وهو ثقة ما فيه إشكال كونه يتفرد بمثل هذا لا يمنع من قبوله؛ لأنه ممن يحتمل تفرده، أما لو نقص عن درجة الثقة قليلاً بحيث لا يحتمل تفرده، يمكن يحكم بشذوذه، لكن مثل هذا ممن يحتمل تفرده فهو صحيح، ولو كان غريباً.
"لا نعلم أحداً ذكره غير هذا الشيخ عن يزيد بن زريع، وهو معنى قوله:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(٤٥) سورة المائدة] أي يقتص فيها، ما دام فعلوا بالراعي كذا يفعل بهم كذا، هذا قصاص، سملوا أعين الراعي تسمل أعينهم، أي يقتص فيها إذا أمكن، وهذا وإن كان مكتوباً في التوراة على بني إسرائيل إلا أنه مقرر في شرعنا، يعني ما جاء في شرعنا ما ينفيه إلا النهي عن المثلة، لا النهي عن المماثلة {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(١٢٦) سورة النحل] {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(٤٠) سورة الشورى] فهذه مماثلة لا وليست مثلة.
"وهو معنى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(٤٥) سورة المائدة] وقد روي عن محمد بن سيرين قال: إنما فعل بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا قبل أن تنزل الحدود".
وهذا ثابت عن ابن سيرين، صحيح عن ابن سيرين، فقول الإمام -رحمه الله تعالى- روي لا شك أنه خلاف الاصطلاح؛ لأن ما ثبت لا يقال فيه روي.