للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، قال عبد الله بن المبارك: إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه" فإذا تيقن وبإمكانه أن يحلف على أنه خرج منه ما خرج من صوت أو ريح، إذا تيقن ذلك فإنه حينئذٍ يجب عليه الوضوء قد يقول قائل: إن الحلف يجوز على غلبة الظن فهل يتوضأ يجب عليه الوضوء لمجرد غلبة الظن أو لا يجب؟ ذكرنا فيما سبق أن أهل العلم ألحقوا غلبة الظن في الشك في هذا، وأن اليقين لا يرفعه إلا يقين، ولذلك قال: حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه، كونه يستيقن يعني يتيقن ولا يكفي في هذا شك ولا غلبة ظن على قولهم حتى يستيقن؛ لأن اليقين الذي لا يحتمل النقيض وغلبة الظن تحتمل النقيض مع المرجوحية، والشك مع التساوي، فهل نقول: إذا غلب عليه الظن يتوضأ أو لا يتوضأ؟ لا يتوضأ لأن اليقين لا يرفعه إلا يقين، ولذا قال: حتى يستيقن استيقاناً، لكن يشكل على هذا أنه قال: يقدر أن يحلف عليه، مع أن له الحلف على غلبة الظن، له الحلف على غلبة الظن، الذي جامع امرأته في رمضان، وأتي بالطعام وقيل له: خذ هذا فتصدق به، فقال: "والله ما بين لابتيها" أقسم، هذا على غلبة ظن وإلا على يقين؟ على غلبة ظن بلا شك، ولذا يقول أهل العلم: يجوز أن يحلف على غلبة الظن، فقوله: يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف فيه ما فيه، اللهم إلا إذا كان عند عبد الله بن المبارك أنه لا يحلف إلا على اليقين ولا يحلف على غلبة الظن ممكن فيطرد.

"وقال: إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق" الأصل أن الريح إنما يخرج من الدبر؛ لأن ارتباطه بالبطن واضح، والبطن هو محل الرياح والغازات، أما القبل فلا ارتباط له بالبطن "قال: إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق" ويشهد له أو يدل له ما في الحديث: ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) وهذا وجد ريح.