"واختلف العلماء في الوضوء من النوم فرأى أكثرهم أن لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً" يعني غير معتمد على شيء؛ لأنه غير مستغرق، فلو استغرق لسقط "إذا نام قاعداً أو قائماً، حتى ينام مضطجعاً" يعني كما جاء في خبر ابن عباس "وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد" واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس المذكور، وفيه ما عرفت من المقال، حتى ينام مضطجعاً، يعني ما فيه إلا إذا اضطجع "وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد" والحديث فيه لا يجب إلا على من نام مضطجعاً استدلالاً بهذا الحديث والحديث مضعف، ضعيف كما سمعنا، استدلوا على ذلك بحديث ابن عباس المذكور وفيه ما عرفت من المقال، لكن قال الشوكاني في النيل: والمقال الذي فيه منجبر بما له من الطرق والشواهد، ورجح هذا المذهب، يعني ما فيه إلا إذا اضطجع، أما إذا كان جالساً أو قائماً لا ينقض الوضوء، ويقاس على الاضطجاع يعني من باب أولى إن كان ساجد فإنه ينقض من باب أولى؛ لأن خروج الريح أسهل من خروجها من المضطجع.
"قال: وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء، وبه يقول إسحاق" يعني إذا كان لا يعرف ما يدور حوله فهذا مظنة أن يخرج منه ما يخرج وهو لا يشعر.
وعن إسحاق قول آخر وهو أن النوم حدث ينقض الوضوء قليله وكثيره، فمجرد ما يصح أن يقال: نام فلان فإن وضوءه قد انتقض، ونقله ابن المنذر عن بعض الصحابة والتابعين من المصير أن النوم حدث، يعني مثل ما قال إسحاق لعموم حديث صفوان بن عسال:"إلا من غائط أو بول أو نوم" فسوى بينها في الحكم بين الغائط والبول والنوم، والغائط ينقض قليله وكثيره، والبول ينقض قليله وكثيره، فكذلك النوم قليله وكثيره ناقض، لكن في الباب ما يدل على أنه ناقض، وفي الباب ما يدل على أنه غير ناقض، لكن لم يرد في البول والغائط ما يدل على أنه ناقض وما يدل على أنه ليس بناقض لنحتاج أن نفرق بين الصور، وما دام ثبت في النوم ما يدل على أنه ناقض، وثبت فيه ما يدل على أنه ليس بناقض لا بد من حمل النقض على حالات، وعدم النقض على حالات.