"وقال الشافعي: من نام قاعداً فرأى رؤيا أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء" فعليه الوضوء، والوسن هو السنة، والمراد به: أول النوم، والهاء عوضاً عن الواو، أصله وسن، فعوض عن الواو الهاء فصارت سنة.
في فتح الباري للحافظ ابن حجر:"وقيل: لا ينقض نوم غير القاعد مطلقاً، وهو قول الشافعي في القديم، وعنه التفصيل بين خارج الصلاة فينقض أو داخلها فلا، وفصل في الجديد بين القاعد المتمكن فلا ينقض وبين غيره فينقض".
على كل حال المقرر عند أهل العلم أن النوم مظنة للنقض، وباعتبار اطراد هذه المظنة هذه المظنة مطردة، يعني كثير من النوام يخرج منهم ما يخرج وهم لا يشعرون، جعلت المظنة موضع المئنة، يعني موضع الحقيقة وإلا فالأصل أنه متوضئ بيقين، والناقض متيقن وإلا مشكوك فيه؟ مشكوك فيه، واليقين لا يزال بالشك، لكن هذا الشك بمثابة اليقين، والداعي لمثل هذا وجود النص، وإلا لولا النص الذي يدل على أن النوم ناقض لاستصحبنا الأصل وهو الطهارة، القاعدة التي دل عليها الحديث السابق وقرأنا شيئاً من فروعها في الأشباه يرد عليها مثل هذا، لكن هذا خرج بالنص، ويرد عليها:((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده)) الآن هو متيقن، نام بعد أن غسل يديه بالماء والصابون بعد الأكل فيده طاهرة بيقين، فلا يجوز له أن يغمسها في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً والطهارة متيقنة، وعلة المنع مشكوك فيها ((فإنه لا يدري أين باتت يده)) العلة مشكوك فيها، ما يدري، فكيف يؤمر بغسلها وهي طاهرة، واحتمال تغيرها وانتقالها من الطهارة إلى غيرها مشكوك فيه، هل نقول: لأنها تنجست؟ ولهذا لو جزمنا بأنها ما طرأ عليها شيء، غسلها بالماء والصابون ثم أدخلها بكيس وربطها بمكان بحيث لا تمر على شيء فيه نجاسة، هل نقول: إن العلة ارتفعت وإلا نقول: العلة تعبدية والله أعلم إنما علينا أن نمتثل ما أمرنا به ولو خرج عن القاعدة؟ نعم؟ المسألة تعبدية، ويكون مثل هذا الفرع قد خرج عن القاعدة بالنص، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.