كونه -عليه الصلاة والسلام- صلى ولم يتوضأ لا يعني أنه لا يستحب، وقوله:((إن شئت)) ورده إلى المشيئة دليل على أنه لا يأثم بترك الوضوء، وأن الأمر فيه سعة، لا يعني أنه مستوي الطرفين على القول الآخر، وكثير من الأوامر والنواهي تصرف من الوجوب والتحريم بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وكونه يفعل خلاف المستحب أو يفعل المكروه الذي صرف إليه النهي هذا في حقه هو الأفضل؛ لأنه مشرع، والنص تشريع، وصرفه للأمر من الوجوب إلى الاستحباب هذا تشريع، كما أن صرفه النهي من التحريم إلى الكراهة تشريع.
"قال: وفي الباب عن أبي بكر" عند أبي يعلى والبزار، وفيه كلام الترمذي من قوله: لا يصح على ما سيأتي بيانه "وابن عباس" في الصحيحين "وأبي هريرة" عند ابن حبان وابن خزيمة والبزار وأبي يعلى "وابن مسعود" عند أحمد وأبي يعلى "وأبي رافع" عند مسلم وأحمد في المسند "وأم الحكم" أو أم حكيم كما جاء في بعض الروايات عند أحمد في المسند والطبراني "وعن عمرو بن أمية" عند الشيخين "وأم عامر" عند الإمام أحمد في المسند والطبراني "وسويد بن النعمان" في الصحيحين "وأم سلمة" عند أحمد والطبراني.
على كل حال الأحاديث متظافرة على أنه لا يتوضأ مما مست النار، وأن هذا آخر الأمرين منه -عليه الصلاة والسلام-.
"قال أبو عيسى: ولا يصح حديث أبي بكر" الذي أشار إليه في الباب عن أبي بكر الصديق "حديث أبي بكر في هذا الباب من قبل إسناده، إنما رواه حسام بن مصك، وعامة أهل العلم على تضعيفه" هذا ضعفه عامة أهل العلم "عن ابن سيرين عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" والصحيح إنما هو عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "هكذا روى الحفاظ، وروي من غير وجه عن ابن سيرين عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورواه عطاء بن يسار وعكرمة ومحمد بن عمرو بن عطاء وعلي بن عبد الله بن عباس وغير واحد عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكروا فيه عن أبي بكر الصديق وهذا أصح".
ويريد بذلك كله أن يعل حديث أبي بكر -رضي الله عنه-.