ثم أراد أن يبين ما علل به الحديث، قال:"هكذا رواه غير واحد مثل هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة" وجزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة، هذا الوجه الأول، في الحديث أن عروة بن الزبير سمعه من بسرة بغير واسطة، قال:"وروى أبو أسامة وغير واحد" هذه الجملة ساقطة من بعض النسخ لكنها لا بد منها، قال:"وروى أبو أسامة وغير واحد هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه، حدثنا بذلك إسحاق بن منصور قال: حدثنا أبو أسامة بهذا".
يعني إذا نظرنا إلى المدار وجدناه على هشام بن عروة عن أبيه، رواه عنه يحيى بن سعيد القطان، وهو من أئمة هذا الشأن من النقاد، بل من المتشددين في هذا الباب، يرويه عن بسرة بدون واسطة، وإسحاق بن منصور يرويه عن هشام بن عروة عن أبيه ... ، إسحاق بن منصور قال: حدثنا أبو أسامة، أما إسحاق بن منصور فموجود في الطريقين، الاختلاف على هشام من قبل يحيى بن سعيد القطان، ومن قبل أبي أسامة حماد بن أسامة وهو أيضاً ثقة، فهما ثقتان، ومثل هذه الصورة، يعني لو لم نقف على أن عروة تأكد بنفسه من بسرة وأنه ذهب إليها فحدثته فصار يروي عنها بغير واسطة لو لم نقف على هذه القصة ووجدناه مرة بواسطة ومرة بدون واسطة الاحتمال قائم أنه سمعه منها مباشرة، لكن أهل العلم يعللون بمثل هذا، يعلون الرواية التي سقط منها ما سقط، ويجعلونها مرسلة، مع أن منهم إذا دلت القرائن على أنه يروى بالوجهين وجه بواسطة ووجه بدون واسطة أنه يصحح وهذا وارد أن الإنسان قد يروي الحديث عن شخص بواسطة ما سمعه حتى في أمور الناس العادية وفي كلام أهل العلم المعاصرين، قد تنقل فتوى عن شيخ من المشايخ بواسطة أحد نقلها لك، ثم بعد ذلك تسمعها منه، فمرة تروي بواسطة ومرة تروي بدون واسطة هذا ما فيه إشكال.