المقصود أن يحيى بن سعيد القطان رواه على الوجه الذي ليس فيه واسطة، وأبو أسامة حماد بن أسامة وهو ثقة أيضاً رواه بالواسطة بواسطة مروان، وهو مروي على الوجهين، ولو لم نقف على هذه القصة التي فيها أن المجادلة حصلت في مجلس مروان، ثم إن مرواناً أرسل شرطيه إلى بسرة فحدثته بهذا الحديث أيضاً ثبت عن عروة أنه ذهب بنفسه إلى بسرة وتأكد من الخبر وحدثته به، فصار يقول: حدثتني بسرة، ولا يمكن أن يقول عروة بن الزبير: حدثتني وهي لم تحدثه، لا يمكن أن ينقل عنها بواسطة ويقول: حدثتني، فدل على أنه صحيح من الوجهين، وأن أحدهما لا يعل الآخر.
فهذه الجملة التي سقطت من بعض النسخ في غاية الأهمية في بيان وجه الاختلاف في هذا الحديث، والترمذي يعنى بهذا الشأن عناية فائقة، وله مزية في هذا الباب، قال: وروى أبو أسامة ... ، المقصود أن الوجه الأول وهو ما صدر به الباب رواية الحديث الأصلية يقول: هكذا رواه غير واحد مثل هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة، وقلنا: إنه جزم به ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة بدون واسطة.
قال:"وروى أبو أسامة وغير واحد هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه حدثنا بذلك إسحاق بن منصور قال: حدثنا أبو أسامة بهذا" أبو أسامة وغير واحد، يحيى القطان وغير واحد يجتمعون على هذين الوجهين، ولو لم نستطع الترجيح ولا عرفنا مثل هذه القصة لقلنا بالاضطراب، لقلنا بأن الخبر مضطرب، لكن ما دام عرفنا أن عروة بن الزبير رواه بواسطة مروان، ثم رواه بدون واسطة قلنا: إن الوجهين كلاهما صحيح.