للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينقل ما يختص بالنساء والعكس لأولف للنساء كتب خاصة، وللرجال كتب خاصة، فإذا نقلت عائشة مثلاً حديثاً في الجهاد نقول: هذا حديث لا يختص بالنساء ينقله الرجال؟ يمكن أن نقول هذا؟ لا يمكن، فالمدار في ثبوت الخبر على صحة الأسانيد، ثقة الرواة، اتصال الأسانيد، عدم المخالفة لمن هو أوثق، عدم الشذوذ والعلل القادحة في المتن، ولا يوجد من هذا شيء في هذا الحديث.

يقول الإمام البخاري: أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة، حديث بسرة أصح شيء في هذا الباب، يعني في مس الذكر، فهو أرجح عنده، بل عند جمهور أهل العلم من حديث طلق بن علي الآتي، وبه يقول جمع غفير من الصحابة والتابعين، والأئمة الثلاثة، وأيضاً تؤيده القواعد؛ لأن هذا مثبت، وحديث طلق -على ما سيأتي- نافي، والمثبت مقدم على النافي، أيضاً هذا ناقل عن الأصل وحديث طلق -على ما سيأتي- مبقٍ على الأصل، الأصل عدم النقض، فالذي ينقل عن الأصل أرجح مما يشهد للأصل، إذ لا يمكن أن يقال في باب النسخ الأصل عدم النقض ثم ثبت النقض بحديث بسرة، ثم ارتفع هذا الحكم بحديث طلق، على أن التاريخ يؤيد أن حديث بسرة ناسخ لحديث طلق بن علي على فرض صحته؛ لأن طلقاً إنما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الهجرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يبني المسجد، والرواية بهذا صحيحة، أن طلقاً إنما وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يبني المسجد، وهذا في أول الأمر، وحديث بسرة متأخر، ويشهد له حديث أبي هريرة وهو متأخر الإسلام، أسلم سنة سبع، فما نقله من وَفِد على النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر ينسخه ما نقله من تأخر إسلامه، ولهذا عامة أهل العلم على القول بأن مس الذكر ينقض الوضوء، وأيدوا هذا بقولهم: إن حديث بسرة ناسخ لحديث طلق بن علي وهذا على فرض صحته، وفيه من الكلام ما سيأتي.