"وقال أبو زرعة -الرازي-: حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح" في بعض النسخ: أصح، يعني كلام البخاري حديث بسرة أصح شيء في هذا الباب، وقال أبو زرعة: حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح، مع أنه يوجد في بعض النسخ أصح، والشيخ أحمد شاكر قال: وما هنا أجود، يعني صحيح أجود مما جاء في بعض النسخ أنه أصح، ولا شك أن حديث بسرة أصح من حديث أم حبيبة، لكن قد يقول قائل: إنه في نظر أبي زرعة حديث أم حبيبة أصح، ولا يمنع أن يقول مثل هذا الكلام إذا ترجح عنده وهو إمام، قال:"وهو حديث العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة".
"وقال محمد" يعني الإمام البخاري، ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي:"لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان" مكحول بن عبد الله الشامي لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان "وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث" مكحول أدخل بينه وبين عنبسة رجل غير هذا الحديث، فالذي يغلب على الظن أن هذا الحديث أيضاً فيه واسطة بين عنبسة ومكحول لا سيما وأن هؤلاء الأئمة البخاري وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي قالوا: إنه لم يسمع منه "لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان، وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث" وأثبت سماعه منه دحيم، عبد الرحمن بن إبراهيم، وهو إمام من أئمة الحديث قالوا: وهو أعرف بحديث الشاميين، فأثبت سماعه من عنبسة، قاله ابن حجر.
الآن أئمة خمسة نفوا سماعهم من عنبسة، ودحيم أثبت سماعه قالوا: وله مزيد عناية ومعرفة بأحاديث الشاميين، ومكحول شامي، فهل يقال: إن هذه المعرفة وهذه العناية من دحيم تجعل قوله أرجح من الأئمة الخمسة البخاري ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي؟ يعني لو كان الخلاف مع البخاري فقط أو مع يحيى بن معين فقط قلنا: يمكن، لكن خلاف مع خمسة من الأئمة، كلهم نفوا سماعه من عنبسة، قالوا: مكحول لم يسمع من عنبسة، ودحيم وله عناية بأحاديث الشاميين ومعرفة أثبت سماعه منه، فلو كان الخلاف مع واحد منهم رجحنا قوله، لكن الخلاف مع خمسة لا يمكن أن يرجح قوله ولو كانت له عناية، يعني معرفته بأحاديث الشاميين مرجح، لكن لا يعني أن قول غيره من الأئمة يهدر.