وأما من فهم من الآية اللمسين معاً فضعيف، فإن العرب إذا خاطبت بالاسم المشترك إنما تقصد به معنى واحداً من المعاني الذي يدل عليها الاسم، لا جميع المعاني التي يدل عليها وهذا بين بنفسه في كلامهم.
يعني استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي الجمهور يمنعونه، يعني الجمهور وإن قالوا بالمجاز فإن الجمهور يمنعون استعمال اللفظ في الحقيقتين في آن واحد، نقول: الملامسة واللمس في الآية ينطلق على الجماع، وعلى المس باليد، نقول: استعمال اللفظ في معنييه هذا ممنوع عند جمهور أهل العلم، والشافعية يقولون به، يعني نظير ذلك لو صوت وقلت: يا محمد فالتفت اثنان، أنت في الأصل لما تكلمت بالكلام لا تريد إلا واحد؛ لأنك لو أردت الاثنين لقلت: يا محمدان، أنت تريد واحد التفت الاثنين، وأنت في الأصل لا تريد إلا واحد منهما فقلت: ما دام التفتوا نوجه الكلام إليهما، قلت لهما: عندنا اليوم مناسبة لا تتركوننا، عندنا وليمة عرس لا تتركوننا، وهو في الأصل ما يريد إلا واحد منهما الثاني ما خطر على باله يصح وإلا ما يصح؟ يعني إرادة شيئين الأول غير مقصود لذاته، وهل التنظير بهذا مطابق أو غير مطابق؟ يعني هل إذا نودي شخص أو قصد شيء واحد ثم دخل معه ما يشركه في الاسم هل يلزم من هذا أن يكونا مقصودين في آن واحد للمنادي؟ ما يلزم، وهنا لا يلزم أن يكون المقصود منه الحقيقة والمجاز، وهذا شامل لجميع الألفاظ المشتركة بين شيئين، يعني لو قيل: وجدت عيناً قال واحد من الحاضرين: امنحني من هذا الذهب الذي وجدته، وقال الآخر: اسقني من هذا الماء الذي وجدته؛ لأن العين تطلق على هذا وتطلق على هذا، هل يكون من مقصود المتكلم أنه يريد الأمرين معاً أو يريد واحد منهما؟ يريد واحد، وعلى هذا القول باستعمال اللفظ الواحد في معنييه ضعيف، والجمهور على خلافه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.