قولهم: صدوق لفظ الصدوق من ألفاظ التعديل، وإن كان الخلاف في قبول من وصف بها قوي عند أهل العلم، منهم من يقول: إن صدوق لا تشعر بشريطة الضبط، ولذا لا يقبل حديث الصدوق، لا يحتج به، وممن شهر هذا القول أبو حاتم الرازي، سئل عن أكثر من راوي فيقول: صدوق، ثم يقول ابنه: أتحتج به؟ فيقول: لا، وذلكم لأن لفظ الصدوق لا يشعر بشريطة الضبط، بمعنى أنه إذا كان الشخص ملازم للصدق قد يكون ملازم للصدق، ونضرب مثال بشخص مشهور ويطرق بابه عشرات المرات، وفي كل مرة يقول لولده: انظر من في الباب؟ فيأتي فيقول له: زيد، ثم يقول له: أأذن له، فيأتي فإذا هو بالفعل زيد، الولد صادق وإلا غير صادق؟ صادق، يطرق ثاني فيقول: عمرو، ويكون الخبر صحيح، وثالث ورابع وعاشر وعشرين ومائة، كلهم يخبر بالواقع هو صادق على كل حال، ولم يكذب ولا مرة من خلال المائة التي جرب فيها فهو يستحق لفظ المبالغة صدوق، لكن لو سأله أبوه من الغد فقال: اذكر من جاءنا وطرق الباب علينا بالأمس فيعد اثنين ثلاثة عشرة عشرين ويعجز عن ثمانين ضابط وإلا غير ضابط؟ غير ضابط، إذاً هو صدوق باعتباره ملازم للصدق ما كذب ولا مرة، لكن الضبط غير ضابط، فكلمة صدوق وإن كان فيها مبالغة في الصدق إلا أنها لا تشعر بشريطة الضبط، والذي معنا شاهد على ذلك.