الفريق الثاني الذين يستدلون ويحتجون برواية الصدوق يقولون: صدوق صيغة مبالغة وعدل أهل العلم عن صادق إلى صدوق لنكتة، الذي لا يكذب يقال له: صادق، لكن أبلغ منه إذا كان يقال له: صدوق، وأبلغ من ذلك إذا كان صديق مثلاً، فالصدوق الذي يلازم الصدق في حياته كلها، والكذب لا يشترط فيه العمد والقصد، فيدخل فيه الخطأ، فلو أخطأ هذا الشخص الملازم للصدق مرة مرتين ثلاث ما استحق الوصف بصدوق؛ لأن الكذب لا يشترط له القصد والعمد، فمجرد ما يحصل الخطأ في كلامه لا يستحق الوصف بصدوق الذي هو المبالغة، فالصدوق الملازم للصدق في جميع أخباره بحيث يخبر بالواقع في كل ما يسأل عنه، ولا يقع الخطأ منه؛ لأنه لو وقع منه ما يخالف الواقع ولو عن طريق الخطأ وغير القصد فإنه لا يستحق الوصف بصدوق، إذاً هذا اللفظ والعدول عن اسم الفاعل إلى صيغة المبالغة تدل على أنه ضابط، أنها مشعرة بشريطة الضبط، وعلى كل حال الذي اعتمده أهل العلم المتأخرون الذهبي وابن حجر وغيرهم أن صدوق مشعرة بشريطة الضبط، لكنها ليست في أعلى درجاته، وإنما يتوسط في أمر الصدوق، ويقال في حديثه أنه حسن، وعلى هذا جرى العلماء في أحكامهم على الأحاديث.
والحديث قال عنه أبو عيسى:"هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن" وأخرجه الشافعي وأحمد وأصاحب السنن إلا النسائي، وقال النووي في الخلاصة: حديث حسن، هو اللائق به، يعني الحكم بالحسن هو اللائق به.