قال:"وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة، ولا نعلم أحداً يذكر عن عروة عن المغيرة على ظاهرهما غيره" يعني غير عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، غير عبد الرحمن بن أبي الزناد لا يذكره، فالمسح على الخف يحتاج إلى أن يقال: على ظاهره؟ يعني جاءت صفة المسح وأنها بالأصابع تكون كالخطوط على ظهر الخف، وهنا يقول: على ظاهرهما؛ ليبين ضعف الحديث السابق، والتنصيص على الظاهر لا شك أنه لبيان حقيقة المسح، وإلا لو قلنا: المسح ما جاء بيانه في السنة لاختلف فيه أهل العلم كاختلافهم في مسح الرأس على ما تقدم، من مسح ثلاث شعرات إلى مسح جميع الرأس؛ لأن البدل له حكم المبدل، المسح على الخف بدلاً عن غسل الرجل والرجل يغسل أعلاها وأسفلها وجوانبها، تغسل من جميع جهاتها، إذن المسح كمسح الرأس يمسح من جميع جهاته، لكنه بهذا الحديث يبين ضعف الحديث السابق، وأن المسح إنما هو على الظاهر فقط.
قال: وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وأحمد، يعني وأبو حنيفة، يعني المسح على الظاهر فقط، وقال علي -رضي الله عنه-: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على خفيه ظاهرهما، أخرجه أبو داود، وحسنه الحافظ في البلوغ، وقال في التلخيص: إسناده صحيح، لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه؛ لأنه هو الذي يباشر الأرض، يباشر الأقذار، يباشر الأوساخ، وقد يباشر نجاسات، فيكون أسفله أعلى، لكن الدين دين اتباع، ليس عليك إلا أن تقول: سمعنا وأطعنا، ولا تعارض برأيك.
"قال محمد: وكان مالك بن أنس يشير بعبد الرحمن بن أبي الزناد".
يعني يضعفه، وصحح الترمذي عدة من أحاديثه، وقال في اللباس: ثقة حافظ، فعلى هذا الحديث أقل أحواله أنه حسن، يجب العمل به.