يقول الشوكاني في نيل الأوطار: ليس بين الحديثين تعارض يعني الذي يقول: يمسح أعلاه وأسفله والذي يقول: يمسح أعلاه فقط، ظاهره فقط، ليس بينهما تعارض، يقول: غاية الأمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح تارة على باطن الخف تارة على باطن الخف وظاهره، وتارة على ظاهره فقط، ولم يرو عنه ما يقتضي المنع من إحدى الصيغتين فكان جميع ذلك جائز وسنة.
أقول: كلام الشوكاني متجه أنه يخير بينهما لو صح حديث المغيرة في مسح أسفل الخف وأعلاه، لكنه لم يصح، والعبادات توقيف، فلا يتجه كلام الشوكاني حينئذٍ.
المسح على الخفين فرع عن غسل الرجلين، وثبت بالسنة أن الرجل اليمنى تغسل قبل الرجل اليسرى، والبدل له حكم المبدل، وعلى هذا تمسح الخف اليمنى قبل الخف اليسرى، تمسح الخف اليمنى قبل اليسرى، وإذا أدخل الخفين ورجلاه طاهرتان ساغ له أن يمسح، شريطة أن يكونا طاهرتين معاً؛ لأن هذا الأصل في الحال، ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) وعلى هذا لو غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها الخف ثم غسل الرجل اليسرى ثم أدخلها الخف على قول الأكثر لا يصح؛ لأنه أدخل اليمنى حال كون القدمين غير طاهرتين، والمطلوب طاهرتين معاً، حتى قال بعض أهل العلم: لتصحح مثل هذه الصورة إذا غسل اليمنى ثم أدخلها الخف ثم غسل اليسرى ثم أدخلها الخف لتصحيحها أن ينزع الخف اليمنى ثم يلبسها، من غير إحداث غسل، حتى قال من يقول: إن هذا عبث، مجرد يخلع الخف ثم يلبسه ليصحح المسح هذا عبث، لكنه اتباع أيضاً ((دعهما فإني أدخلتهما)) حال كونهما ((طاهرتين)) يعني معاً، مجتمعتين فلا بد أن تتم الطهارة ليسوغ المسح، ثم إذا تمت الطهارة ولبس الخفين وبدأ المسح من أول مسح، بدأت المدة من أول مسح كما تقدم، فإذا انتهت المدة صلى الفجر بالوضوء الكامل، غسل رجليه ولبس الخفين، ثم بعد ذلك لم يمسح عليهما إلا لصلاة الظهر، ينتهي المسح بوضوء الظهر؛ لأنه مسح الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر.