"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" ورواه الشيخان وأبو داود والنسائي، قال:"وهو الذي اختاره أهل العلم في الغسل من الجنابة أنه يتوضأ وضأه للصلاة -كاملاً- ثم يفرغ -أي يصب- على رأسه ثلاث مرات ثم يفيض -يعني يسيل- الماء على سائر جسده"، قال:"ثم يغسل قدميه" يعني على ما جاء في حديث ميمونة، ثم يغسل قدميه، "والعمل على هذا عند أهل العلم وقولوا: إن انغمس الجنب في الماء ولم يتوضأ أجزأه، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق" من وصف غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكروا أنه توضأ وضوءه للصلاة، إجمالاً وتفصيلاً، بعض الأحاديث مجمل توضأ وضوءه للصلاة، وبعضها تفصيل: غسل يديه ثم مضمض واستنشق وغسل وجه إلى أن أكمل الوضوء، فكل من وصف غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه توضأ قبله، كل من وصف غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكروا أنه توضأ قبله، ثم أفاض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم أفاض الماء على سائر جسده، وليس فيه تثليث، يعني يغسل شقه الأيمن ثم شقه الأيسر ولم يذكر فيه تثليث، وهذا هو الغسل الكامل، وإن كان بعضهم يرى أنه يفيض الماء على شقه الأيمن ثلاثاً ثم على شقه الأيسر ثلاثاً، يعني لم تأتِ به الرواية، وإنما قالوا: إن التثليث مستحب في الوضوء وفي غسل الرأس في الغسل فينبغي أن يكون مستحباً في الباقي، على كل حال الغسل الكامل هو ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، والمجزئ هو تعميم الجسد بالماء، ولا يلزم منه أن يتوضأ قبله ولا بعده، قال: وقالوا: إن انغمس الجنب في الماء ولم يتوضأ أجزأه، يعني أن الوضوء ليس بواجب في غسل الجنابة، لماذا؟ لأنه إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد، عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضيه والأخرى مؤداة قالوا: دخلت الصغرى في الكبرى، يعني كمن جاء والإمام راكع يكبر تكبيرة الإحرام وتدخل فيها تكبيرة الركوع، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، يعني ابن رجب -رحمه الله- في قواعده ذكر أمثلة كثيرة لهذه القاعدة، "وهو وقول الشافعي وأحمد وإسحاق" وهو قول أبي حنيفة أيضاً وأصحابه، ونقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل.