قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: فرض الله تعالى الغسل مطلقاً لم يذكر فيه شيئاً يبدأ به قبل شيء، فكيف ما جاء به المغتسل أجزأه، إذا أتى بغسل جميع بدنه، والاحتياط في الغسل ما روت عائشة، يعني في حديث الباب:"يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يشرب شعره الماء، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات" ثم بعد ذلك يفيض الماء على بدنه، والاحتياط في الغسل ما روت عائشة، وقال ابن عبد البر: إن لم يتوضأ قبل الغسل ولكن عم جسده ورأسه ونواه فقد أدى ما عليه بلا خلاف، لكنهم مجمعون على استحباب الوضوء قبل الغسل؛ لأن كل من وصف غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه توضأ، لكنهم مجمعون على استحباب الوضوء قبل الغسل، الآن قال: إن لم يتوضأ قبل الغسل ولكن عم جسده ورأسه ونواه فقد أدى ما عليه بلا خلاف، وابن بطال نقل الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل، وتعقب ابن حجر دعوى الإجماع فقد ذهب جماعة بقوله: ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء، الغسل لا ينوب على الوضوء للمحدث، انتهى كلام ابن حجر، وقال ابن العربي في العارضة، قال أبو ثور: يلزم الجمع بين الضوء والغسل، كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنه ثلاثة أجوبة؛ لأن ابن العربي يري أنه بالإجماع لا يلزم، ولم ذكر كلام أبي ثور أجاب عنه بثلاثة أجوبة.
الأول: أن ذلك ليس بجمع وإنما هو غسل كله، غسل كله يعني كونه غسل يديه وغسل وجهه وذراعيه، وأفاض الماء على رأسه، ثم عمم هذا غسل وليس بوضوء، يعني هذه أبعاض للغسل وليست من الوضوء، أن ذلك ليس بجمع وإنما هو الغسل كله.
الثاني: أنه إن كان جمع بينهما فإنما ذلك استحباب، استحباب بدليل قوله تعالى:{حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} [(٤٣) سورة النساء] وقوله: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ} [(٦) سورة المائدة] يعني ما ذكر غير الاغتسال، وما ذكر غير التطهر، فهذا هو الفرض، يقول: فهذا هو الفرض.
الثالث: أن سائر الأحاديث ليس فيها ذكر الوضوء، سائر الأحاديث يعني غير ما ذكر من حديث ميمونة وحديث عائشة يقول: ليس فيها ذكر للوضوء، وإنما إذا سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: أن تفعل كذا وكذا، وليس فيه ذكر للوضوء.