((ثم صلى المغرب لوقته الأول)) وعرفنا ما فيه، وأنه مستدل الشافعية على قولهم؛ لأن المغرب ليس لها إلا وقت واحد، والجمهور على أن الوقت يمتد إلى مغيب الشفق كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو، والمراد به الشفق الأحمر، كما جاء في حديث ابن عمر:"الشفق الحمرة" ويختلف أهل العلم في رفعه ووقفه، ووقفه على ابن عمر أرجح، وسواء كان الحديث مرفوعاً أو موقوفاً فهو دليل على أن المراد بالشفق الأحمر، لماذا؟ لأن المسالة لغوية، وابن عمر من أقحاح العرب يحتج بقوله إذا فسر كلمة؛ لأنه عربي، ومع ذلكم رجع أبو حنيفة فيما يذكر عنه بعض أصحابه إلى قول الجمهور، ولم يوافقه صاحباه على ذلك.
((ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض)) في اليوم الثاني، ومعلوم أن وقت الصبح يمتد إلى طلوع الشمس، من حديث عبد الله بن عمرو:((وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)).
((ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد هذا -يعني ما ذكر من الأوقات في اليومين- وقت الأنبياء من قبلك)) هذا يدل على أن الأنبياء صلواتهم مثل صلواتنا، وأوقاتهم مثل أوقاتنا، لكن هل الأمر كذلك؟ أو أن التشبيه أن هذا كوقت الأنبياء من قبلك فيه شيء من السعة، وليس فيه شيء من الضيق، وصلواتهم لها أول ولها آخر، يعني لها وقت موسع كما هو الشأن في صلواتكم، وإن لم تكن الصورة مطابقة لما عندنا.
يقول ابن العربي في عارضة الأحوذي: قوله: ((هذا وقت الأنبياء قبلك)) يفتقر إلى بيان المراد به، فإن ظاهره موهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لمن قبله من الأنبياء، يعني صلاة الظهر، صلاة العصر، صلاة المغرب، صلاة العشاء، صلاة الفجر، الوقت الأول لصلاة الظهر، الثاني لها، نهاية وبداية، في الصلوات الخمس، هذا الإجمال:((هذا وقت الأنبياء من قبلك)) يدل على أن الصورة متطابقة، يقول ابن العربي: قوله: ((هذا وقت الأنبياء قبلك)) يفتقر إلى بيان المراد به، فإن ظاهره موهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لمن قبله من الأنبياء، فهل الأمر كذلك أم لا؟