((وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق)) والمراد به الشفق وهو الأحمر عند الجماهير، جماهير أهل العلم على أنه الأحمر، وإن كان الإمام أبو حنيفة في أول الأمر يقول: إنه الأبيض، ومضى ما فيه من كلام، وهذا يدل على أن للمغرب أولاً وأخراً، وأنه يمتد من غروب الشمس إلى مغيب الشفق خلافاً للشافعية الذين يرون أن وقت المغرب مضيق، وأنه لا يتسع لأكثر من التأهب للصلاة بالوضوء بالطهارة، وأداء ثلاث ركعات، ثم بعدها يخرج الوقت على ما تقدم في حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي سبق الكلام فيه وأنه صلى المغرب في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه المغرب في اليوم الأول، فدل على أن وقتها واحد، ولا شك أن حديث إمامة جبريل متقدم وهذه الأحاديث متأخرة فهي المحكمة، وحديث إمامة جبريل منسوخ بهذه الأحاديث.
((وإن أول وقت العشاء الآخرة)) في عشاء أولى من أجل أن يقال: عشاء آخرة؟ في مغرب وفي عشاء، وصفها بالآخرة يدل على أن هناك عشاء أولى، أو يكون المراد بالآخرة المتأخرة التي هي آخر صلوات اليوم والليلة، فهي متأخرة عن غيرها، وإلا فليس هناك عشاء أولى ليكون هناك عشاء آخرة إلا أنه باعتبار أنها تكون في وقت العشي، والعشي فيه أكثر من صلاة، فيه أربع صلوات العشي، إحدى صلاتي العشي في حديث ذي اليدين، إما الظهر وإما العصر، فالظهر والعصر في العشي؛ لأنها بعد الزوال، وكذلك المغرب والعشاء، فهي آخر صلوات العشي، ولا يظن بهذا أن المغرب يقال لها: العشاء كما جرى به عرف بعض البلدان، يقولون للمغرب: العشاء، صلينا العشاء يعني المغرب، ويقولون للعشاء: الأخير، وهذا معروف في هذه البلاد، وإن كان يعني يكاد يكون انقرض إلا عند بعض كبار السن، لكن هو معروف على كل حال.