قول بعضهم في شيخ الإسلام ابن تيمية: كل حديث لا يعرفه شيخ الإسلام فليس بحديث هذا يراد منه أن شيخ الإسلام ممن له عناية بالسنة عناية فائقة، وأن حافظته قوية تسعفه في حفظ ما يقف عليه، لكن هناك من الأحاديث ما لم يقف عليه شيخ الإسلام، ومن الأحاديث ما وقف عليه فحفظه وحدث من حفظه، وأخطأ فيه -رحمه الله- وإن كان قليل نادر، لكن مع ذلك ليس حفظه على طريقة أهل الحديث، يعني يختلف حفظ ابن رجب للحديث عن حفظ شيخ الإسلام ابن تيمية، شيخ الإسلام يهمه حفظ المتون الصحيحة؛ لأن الفائدة العظمى من حفظ السنة هو الاستنباط، وذلك يتم بحفظ المتون مع أنه يحفظ من كتب السنة الأصلية المسندة الشيء الكثير، لكن لا يقال: إنه يحفظ كل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي باب المبالغة في مدح الشخص في سعة علمه وإحاطته وتشبيهه بالبحر لا شك أنه يتجاوز عن مثل هذا.
السنة كلها قد دونت حفظت بلا شك، ولم يضع منها شيء، فكيف الجمع بين هذا وهذا؟ كون السنة قد حفظت يوجد من الحفاظ ما يفوته بعض الكتب، وقد قيل: إن صحيح البخاري على أهميته وعظمه ما دخل الأندلس إلا متأخر، ولذلك كانت عنايتهم بصحيح مسلم، جامع الترمذي ما رآه كثير من أهل الأندلس حتى قال ابن حزم وهو منهم -من أهل الأندلس- من محمد بن سورة؟ ما عرفوه، فهذا يدل على أن حفظ الحافظ وإن كان متميزاً متصفاً بالحافظة القوية إلا أنه لن يخرج عن قوله -جل وعلا-: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [(٧٦) سورة يوسف].
يقول: صاحب أوجز المسالك شرح الموطأ: "قال الكرماني في الخميس" فما المراد بالخميس؟
المعروف أن كتاب الخميس كتاب سيرة نبوية، تاريخ الخميس من أحوال أنفس نفيس للبكري، وليس للكرماني، كتاب الكرماني الذي ينقل عنه في الشروح هو شرحه للبخاري واسمه:(الكواكب الدراري) فيتحقق من هذه الكلمة.