"قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وعرفنا أنه في الصحيحين وغيرهما "وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم عمر" يعني التنصيص على بعض الصحابة هل يعني أن من عداهم من الصحابة يرون عكس هذا القول ونقيض هذا القول؟ يعني حينما ينص على عمر -رضي الله عنه- أنه يرى التعجيل فهل معنى هذا أن أبا بكر يرى التأخير؟ عثمان يرى التأخير؟ علي يرى التأخير؟ لا، إنما يذكر من تيسر له ذكره، يذكر من تيسر له ذكره، ولا يعني .. ، إلا إذا نص عليهم قال: وفلان وفلان وفلان يرون التأخير، إنما لا يقال من مفهومه كلامه: أن أبا بكر يرى التأخير، أن عثمان يرى التأخير، أن علياً يرى التأخير، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنهم لم يلتزموا بالاستيعاب، لم يلتزموا باستيعاب الأقوال، بل يقتصر على البعض لا سيما من وجد منه نص قولي في المسألة، أو عرف عنه في مسألة اشتهرت أنه عجل أو أخر.
"منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس، وغير واحد من التابعين تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" والليث والأوزاعي، وهو الحق الذي دلت عليه النصوص الصحيحة الصريحة من فعله -عليه الصلاة والسلام-.
الحنفية يرون تأخير العصر ويرون أن وقتها لا يبدأ إلا من مصير ظل الشيء مثليه، وسبق ذكر قولهم ودليلهم، وأنهم استدلوا بحديث القيراط ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً نصف النهار بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بقيراطين، فاحتج أهل الكتاب فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) فسبق بيانه والاستدلال منه للحنفية، مع أنهم تركوا الأحاديث الصحيحة الصريحة التي دلالتها أصلية في هذا الباب سيقت لبيان المواقيت، وهذا ضرب مثل، ومعلوم أن الأمثال لا يلزم فيها المطابقة من كل وجه.