وأيضاً وقت الظهر أطول من وقت العصر في كل زمان ومكان حتى على القول بأنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله كما سبق تقريره، ذكرنا في درس مضى بالنسبة لوقتنا هذا مثلاً وفي بلدنا هذا، يؤذن للظهر في الثانية عشرة وعشر دقائق، ويؤذن للعصر في الرابعة إلا ثلث، الثالثة وأربعين دقيقة، وبينهما ثلاث ساعات ونصف بينما بين أذان العصر وأذان المغرب ثلاث ساعات فقط أو ثلاث وخمس، ثلاث وأربع دقائق اليوم، أو ثلاث، فالظهر أطول حتى على القول بأن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله.
محمد بن الحسن في موطئه ينتصر لإمامه أبي حنيفة، ويقول: العصر سميت عصراً لأنها تعتصر ويضيق عليها، هل تعتصر بالكيفية؟ في الكيفية تعتصر؟ يعني بدلاً من أن تصلى الظهر بعشر دقائق تصلى بثلاث دقائق العصر تعتصر أو أربع دقائق؟ لا، ليس هذا المراد، في الكمية بدلاً من أن تصلى أربع تصلى ثلاث؟ لا، لم يبق إلا اعتصار وقتها، هذا كلام محمد بن الحسن في موطئه، ويرون أن وقتها من مصير ظل كل شيء مثليه إلى أن تصفر الشمس فوقتها ضيق جداً.
صاحب الهداية من الحنفية وهو المرغيناني يعلل تفضيل التأخير بتكثير النوافل، لماذا؟ لأن النوافل تنقطع بصلاة العصر، فيقول: لماذا نقطع النوافل بصلاة العصر نؤخر صلاة العصر؟ ولا نزال نصلي نوافل ونكثر من النوافل وحينئذٍ يكون تأخير صلاة العصر أفضل، ومثل هذا الكلام تعارض به النصوص؟ الكلام لا شك أنه من حيث هو صحيح النوافل تنتهي بصلاة العصر، لا صلاة بعد العصر؛ لأن ما بعد أداء صلاة العصر وقت نهي، يقول: بدلاً من أن نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثله مباشرة نصلي العصر نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثليه، ونستغل هذه الساعة بنوافل، لكن هذا التعليل عليل بالنسبة لما يقابله ويعارضه من النصوص.
قال -رحمه الله-: "حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك" أنس بن مالك في آخر عمره ابتلي بأمراء يؤخرون الصلوات، فكان -رضي الله عنه- يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم لعدم الشقاق والنزاع، يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم.