مع أنه مختلف فيه هل بشير بن ثابت مقحم في السند أو أنه ساقط من الرواية الثانية؟ تأتي إشارة الترمذي إلى هذا، لكن إذا عرفنا أن التفاوت في مغيب القمر في الليلة الثالثة بين هذه الأشهر ساعتين فما دون عرفنا أنه لا يمكن أن يحدد بهذا إلا أن يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- راقبه النعمان بن بشير وهو يصلي عند مغيب القمر من غير تحديد بوقت ثابت، صلاها فعجل بها حينما صلاها عند مغيب القمر لثالثة في الساعة الواحدة وخمس وعشرين دقيقة، وأخرها حينما صلاها عند مغيب القمر لثالثة حينما كان يغرب في الساعة الثالثة وواحد وعشرين دقيقة، فلا يكون لها وقت محدد ثابت في الليالي كلها، وإنما تصلى بين هذين الوقتين، بين الوقت الذي يتقدم فيه مغيب القمر والوقت الذي يتأخر فيه مغيب القمر، ولا يريد النعمان بن بشير أنه يصليها في ساعة محددة في كل ليلة، ولا شك أن الوقت بين أوله وبين آخره كله واقع في وقت صلاة العشاء؛ لأن مغيب الشفق في الليالي القصيرة يغيب في الواحدة وأكثر من عشرين دقيقة، يعني واحد وعشرين أو اثنين وعشرين، فإذا صلاها في خمس وعشرين يكون صلاها في وقتها، وإذا صليت بعد مغيب القمر أو وقت مغيب القمر في الساعة الثالثة وواحد وعشرين دقيقة لا مانع من ذلك، وأن تكون حينئذٍ صليت بعد دخول وقتها بساعتين وهو مضي ثلث الليل في بالنسبة لليالي القصيرة، على كل حال عندنا نصوص واضحة مفسرة محكمة، وأن وقتها يبدأ من مغيب الشفق الأحمر، ثم النهاية يختلف فيها أهل العلم تبعاً لاختلاف ما جاء فيها.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو بكر محمد بن أبان قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة بهذا الإسناد نحوه" يعني بالإسناد المتقدم، نحوه يعني بمعناه، محمد بن أبان قلنا في أبان: المنع والصرف، فمنعه ابن مالك الإمام المعروف من أئمة العربية وصرفه غيره، حتى قال بعضهم: من منع أبان فهو أتان، لذلك أحياناً يقع الحرج من بعض الإخوان إذا سألناهم قلنا: أبان ممنوع وإلا مصروف؟ ثم نأتي بهذا الكلام يقع في حرج بعضهم.
فمن صرفه قال: هو من الإبانة والنون أصلية، ومن منعه قال: هو من الإباء والنون مزيدة مع الألف، والاسم يمنع من الصرف لزيادة الألف والنون.