علي بن محمد بن عقيل البالسي، نو رالدين ابن الشيخ نجم الدين، كان فاضلا عارفا بالفقه كثير العبادة والتأله ساذجا من أمور الدنيا، درس بالطيبرسية وغيرها، ولما نشأ ابنه الشيخ نجم الدين وتقدم في خدم الأمراء كان لا يأكل من بيت ابنه شيئا تورعا، مات في ربيع الآخر.
علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن حجر العسقلاني ثم المصري الكناني، ولد في حدود العشرين وسبعمائة، وسمع من أبي الفتح بن سيد الناس وغيره، واشتغل بالفقه والعربية، ومهر في الآداب، وقال الشعر فأجاد، ووقع في الحكم، وناب قليلا عن ابن عقيل ثم ترك لجفاءنا له من ابن جماعة لما عاد بعد صرف ابن عقيل من أجل تحققه بصحبة ابن عقيل وأقبل على شأنه، وأكثر الحج والمجاورة، وله عدة دواوين، منها ديوان الحرم مدائح نبوية ومكية في مجلدة، وكان موصوفا بالعقل والمعرفة والديانة والأمانة ومكارم الأخلاق ومحبة الصالحين والمبالغة في تعظيمهم، ومن محفوظاته الحاوي، وله استدراك على الأذكار للنووي فيه مباحث حسنة، وكان ابن عقيل يحبه ويعظمه، ورأيت خطه له بالثناء البالغ، ولما قدم الشيخ جمال الدين بن نباتة أخيرا أنزله عنده ببيت من أملاكه في جواره وطارحه ومدحه بما هو مشهور في ديوانه، ثم انحرف عليه وانتقل إلى القاهرة كعادته مع أصحابه في سرعة تقلبه عفا الله تعالى عنه. وهو القائل ومن خطه نقلته:
يا رب أعضاء السجود عتقتها … من عبدك الجاني وأنت الواقي
والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى … فامنن على الفاني بعتق الباقي