وعرض عليه ألفية ابن معطي وأخذ عنه في شرحها له بحلب، ثم قدم مصر بعد سنة سبعين وهو بزي الجند فخدم أستادار الأمير بجاس وعرف به وطالت مدته عنده، ثم ترقى إلى أن تزوج بنت أستاذه وعظم قدره ومحله، فباشر الأستادراية عند جماعة من الأمراء كبيبرس وسودون الحمزاوي وغيرهما، وعمر الدور الكبار وعمر في داخل القصر بجوار المدرسة السابقية منزلاً حسناً، فيقال إنه وجد فيه خبيئة للفاطميين واشتهر ذكره بالمروءة والعصبية وقضاء حوائج الناس فقام بإعباء كثير من الأمور وصار مقتصداً للملهوفين يقضي حوائجهم ويركب معهم إلى ذوي الجاه، ولم يزل معظماً نافذ الكلمة إلى أن قرر في الأستادارية رابع رجب سنة سبع وثمانمائة بعد أن هرب ابن غراب مع يشبك فشكرت سيرته، ثم وقع بينه وبين السالمي لتهور السالمي فقبض عليه في ذي الحجة واستبد بالأمر إلى أن قرر في الأستادارية الكبرى عوضاً عن ابن قيماز في رابع رجب سنة ثمان بعد أن رسم عليه في بيت شاد الدواوين يوماً وليلة واستمر مع ذلك يتحدث في أستادارية الأمير الكبير بيبرس، ثم لما تغيرت الأمور التي بسطناها في سنة ثمان وثمانمائة وتمكن ابن غراب من المملكة أراد الفتك بجمال الدين، ثم اشتغل عنه بمرضه ولم يلبث أن هلك، فاستولى جمال الدين على الأمور واستضاف الوزارة ونظر الخاص والكشف بالوجه البحري واستقر مشير الدولة، ثم لما قتل يشبك صفا الوقت له وصار عزيز مصر على الحقيقة، لا يعقد أمر إلا به ولا تفصل مشورة إلا عن رأيه، ولا تخرج إقطاع إلا بإذنه، ولا يستخدم أحد من الأمراء ولو عظم