وكان يسلم للأميرين جميع ما يختارانه من ولاية وعزل وأمر ونهى وغير ذلك، فطمعا فيه وصارا يقترحان عليه إبعاد واحد بعد واحد من أمرائه وخواصه فيفعل ما يقترحانه عليه إلى أن كان آخر ذلك أن أمراه بنفي كمشبغا رأس نوبته، فأراد تسليمه لهما فامتنع ودخ عليه مماليكه ليلة عرفة ملبسين وقالوا له: إن لم تركب معنا قتلناك، فوعدهم وصرفهم ودخل إلى بيت الحريم ثم أقفل الباب، فركب من كان لبس من مماليكه إلى الرميلة وبلغ ذلك الأميرين فركبا ودقت الكوسات وتكاثر مماليك طشتمر على أولئك فكسروا طلب بركة وعدة من أطلاب الأكراء وظهرت من تقطاي الطواشي خادم طشتمر شجاعة عظيمة وحمل في مائتي نفس فكسرهم وهو يقول: أين أصحاب الخصى? فاتفق أن جاءت في كمشبغا رأس نوبة طشتمر نشابة فنحرته فحمل إلى طشتمر وهو في السياق فقال له: انظر كيف قاتلت عنك حتى قتلت? فقال: قتلت نفسك ورحت إلى النار وخربت بيتي، وفتحت باب فتنة كان قد أغلق، فمات كمشبغا من ساعته وانكسر أصحاب طشتمر بعده لأنه ما كان ركب أصلا فلما رأى ذلك جعل في رقبته منديلا وركب من إصطبله إلى برقوق وهو إذ ذاك زوج ابنته بغير سلاح وسلم نفسه له وقال: أنا أحب أن أكون فدى المسلمين فاصنع بي ما شئت، وقبض عليه وعلى أطلمش الدويدار وجماعة من حواشيه، وسيره إلى الإسكندرية ونفى تقطاي وجماعة معه إلى قوص واستقر برقوق في ثالث عشر ذي الحجة أتابك