تصنع بأن أرسل غارة على قافلة من التجار فأبيتهم فيصبحوا مقتولين وآخذ أموالهم ونحو ذلك من القبائح، فلم يكترث السلطان بذلك وأصلح بينهما.
فلما كان يوم التاسع من شعبان قبض على بدر الدين وسلم لفخر الدين، فما شك أحد في هلاك بدر الدين، فعامله فخر الدين بضد ما في النفس وأكرمه وقام له بما يليق به وأرسل إلى أهله بأن يطمئنوا عليه، وركب من الغد إلى السلطان وهو ببركة الحبش بعرض الهجن لأجل الحج، فلم يزل به يترفق له ويتلطف به ويلح عليه في السؤال في أن يفرج عن ابن نصر الله إلى أن أجابه، فلما أن عاد أركبه دابته إلى داره فبات بها، وركب في بكرة النهار الثاني عشر منه إلى القلعة ورجع وقد خلع عليه، فسر الناس به سروراً كثيراً وعدت هذه المكرمة لابن أبي الفرج واستغربت من مثله.
وفي الثالث من ذي القعدة قبض على بدر الدين بن محب الدين الوزير الذي كان يقال له المشير، وتسلمه أبو بكر الأستادار بعد إخراق شديد وإهانة، وكان قد سار في الوزارة سيرة قبيحة وتتبعت حواشيه فقبض عليهم ثم أفرج عنهم على مال، وقرر في الوزارة بدر الدين بن نصر الله وأعطى تقدمة ألف، فنزل الأمراء في خدمته وسر الناس وضربت الطبلخاناة في آخر النهار على بابه، ولم يقع ذلك لصاحب قلم تزيا بزي التركية من المتعممين قبله بل الذين وصلوا إلى ذلك من ذوي الأقلام،