للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سقاه من الماء الذي يطفأ فيه الحديد، فلما شربه أحس بالمغص في جوفه فعالجه الأطباء مدة وندم السلطان على ما فرط فيه، فتقدم الأطباء بالمبالغة في علاجه فلازموه نصف شهر إلى أن أبل قليلاً من مرضه فركب في نصف الشهر إلى بيت عبد الباسط بشاطئ النيل. ثم ركب إلى الخروبية بالجيزة فأقام بها وكاد أن يتعافى، فدسوا من سقاه ثانياً بغير علم أبيه، فانتكس واستمر إلى آخر الشهر فتحول إلى الحجازية، ثم حمل في ثالث عشر جمادى الآخرة إلى القلعة فمات ليلة الجمعة خامس عشره، فاشتد جزع السلطان عليه إلا أنه تجلد، وأسف الناس كافة على فقده وأكثروا الترحم عليه، وشاع بينهم أن أباه سمه إلا أنهم لا يستطيعون التصريح بذلك، ولم يعش أبوه بعده سوى ستة أشهر تزيد أياماً، كدأب من قتل أباه أو ابنه على الملك قبله عادة مستقرة وطريقة مستقرأة - فإنا لله وإنا راجعون، وصار الذين حسنوا له ذلك يبالغون في ذكر معايبه وينسبونه إلى الإسراف والتبذير والمجاهرة بالفسق من اللواط والزنا والخمر والتعرض لحرم أبيه وغير ذلك مما كان برياً من أكثره بل يختلقون أكثر ذلك ليتسلى أبوه عن مصابه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>