للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودفن بها في القبة التي دفن فيها ولده إبراهيم، وتأسف الناس عليه جداً وأكثروا الترحم عليه، وأمطرت السماء ساعة المسير بجنازته مطراً غزيراً جداً حتى مشى الناس في الوحل إلى المدرسة، واخبرني بعض أصحابنا أنه شاهد البرد ينزل من السماء كباراً، وكانت مدة سلطنة المؤيد ثماني سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام، وكان ابتدأ استقراره في نيابة الشام في سنة خمس وثمانمائة، فاستوفى في الملك عشرين سنة أميراً صرفاً وفي معنى السلطان وسلطاناً، وكان شهماً شجاعاً عالي الهمة كثير الرجوع إلى الحق محباً في الشرع وأهله صحيح العقيدة كثير التعظيم لأهل العلم والإكرام لهم والمحبة في أصحابه والصفح عن جرائمهم، ومحاسنه جمة.

وفي عقب دفن السلطان قبض على الأمير قجقار القردمي وحبس بالقلعة، وكان شاع في مدة مرض المؤيد أنه يريد الركوب عليه فلم يقع ذلك، فلما مات المؤيد كان الأمراء مقيمين بالقلعة فلم يتوجه مهم في الجنازة إلا القليل فبادر الأمير ططر وقبض على قجقار، وكان قجقار أراد ذلك فلم يتهيأ له وكان يريد أن يكون هو المتكلم في المملكة فحيل بينه وبين ما أراد، واستقر ططر بتدبير المملكة ولف المؤيديه عليه وقربهم وأمرهم، ونودي في يوم الخميس بالإنفاق على الجند، فأنفق لكل واحد ثمانين ديناراً وأربعة آلاف فلوساً، وكان في خزانة المؤيد جملة مستكثرة من الفلوس، ولم يفتح الأمير ططر الخزانة إلا بحضرة القضاة، فاخذ منها قدر أربعمائة ألف دينار للنفقة، ثم أغلقها وختم عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>