للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنظارهم، ثم رجع فطلب بنفسه وقد أكمل أربع عشرة سنة، فطاف على الشيوخ، وقرأ بنفسه، وكتب الطباق وفهم الفن، واشتغل في الفقه والعربية والمعاني والبيان، وأحضره مجلس الشيخ جمال الدين الأسنوي ومجلش الشيخ شهاب الدين ابن النقيب وغيرهما، وأسمع على أبي البقاء وقبله القاضي عز الدين ابن جماعة، وأقبل على التصنيف فصنف أشياء لطيفة في فنون الحديث، ثم ناب في الحكم وأقبل على الفقه فصنف النكت على المختصرات الثلاثة، جمع فيها بين التوشيح للقاضي تاج الدين السبكي وبين تصحيح الحاوي لشيخنا ابن الملقن، وزاد عليهما فوائد من حاشية الروضة للبلقيني ومن المهمات للأسنوي، وتلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرأوه عليه، واختصر أيضاً المهمات وأضاف إليها حواشي البلقيني على الروضة، وكان لما مات أبوه تقرر في وظائفه، فدرس بالجامع الطولوني وغيره، ثم استقر شيخاً بالجمالية بعد موت همام الدين، ثم ولى القضاء الأكبر كما تقدم، وصرف عنه فحصل له سوء مزاج من كونه صرف ببعض تلامذته بل ببعض من لا يفهم عنه كما ينبغي، فكان يقول: لو عزلت بغير فلان ما صعب علي! واستيعاب قضاياه يطول، وكان من خير أهل عصره بشاشة وصلابة في الحكم وقياماً في الحق وطلاقة وجه وحسن خلق وطيب عشرة؛ مات في يوم الخميس السابع والعشرين من رمضان - رحمه الله تعالى! أكمل ثلاثاً وستين سنة وثمانية أشهر، ودفن بجنب أبيه - رحمهما الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>