للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أدخلوهم من باب القنطرة فشقوا القاهرة، واجتمع أهل البلد حتى لم يتخلف كبير أحد، فكان أمراً مهولاً من كثرة الخلق، وجاز الأمراء ثم الأسرى ثم الغنائم، ونصبوا تاج الملك وأعلامه منكسة وهو راكب على بغلة مقيد، فلما وصل إلى المدرج باس الأرض ومشى في قيده إلى أن وقف قدام السلطان بالمقعد، وحضر ذلك أمير مكة ورسل ابن عثمان ورسل ملك تونس ورسل أمير التركمان ورسل ابن نعير وكثير من قصاد أمراء الشام، فكان اتفاق حضورهم من المستغرب، فلما رأى السلطان عفر وجهه في التراب بعد أن كشفه، وخلع السلطان على الأمراء، ثم قرر عليه مائتا ألف دينار، يحمل منها هو بمصر النصف ويرسل النصف إذا رجع، وألزم بحمل عشرين ألف دينار كل سنة، ثم أفرج عنه بعدان حمل ما قرر عليه معجلاً، وتوجه فأرسل شيئاً بعد شيء إلى أن أكمل ما أرسله خمسة وسبعين ألف دينار؛ وقدرت وفاته عقب ذلك، ويقال إنه كان فهماً عاقلاً ينظم الشعر بلسانه ويعربه بالترجمان بالتركي فأملأ على بعض من معه هذه الأبيات:

يا مالكاً ملك الورى بجسامه … انظر إلي برحمة وتعطف

وارحم عزيزاً ذل وامنن بالذي … اعطاك هذا الملك والنصر الوفي

إن لم تؤمني وترحم غربتي … فبمن ألوذ ومن سواكم لي يفي

فلما قرئت على السلطان وعرف معناها رق له وقال: عفوت عنه، وتقرر الحال معه بعد ذلك أن يكون نائباً عن السلطان في قبرس وما معها

<<  <  ج: ص:  >  >>