لم يؤاخذ بذلك، وحج في تلك السنة سنة أربع وعشرين، وهم بالدخول إلى مصر ليلى عوض البلقيني ثم رجع إلى دمشق، وبلغه ولاية العراقي فقعد، ثم قام عليه نائب الشام في سنة ست وعشرين وتألب عليه أعداؤه وهموا بقتله، ثم اتفق مرض النائب فاشتغل بنفسه ومات فجاءته الولاية في رمضان منها، ولم يزل يتقلب في الأمور إلى أن قرر في كتابة السر بالقاهرة، فلم يمش له فيها حال، وتغير عليه غالب أصحابه، وعادى من كان يحبه قبل ذلك، فصرف صرفاً شنيعاً كما تقدم في الحوادث، ثم استأذن في الوصول إلى مصر فأذن له، فقرر في قضاء الشام في محرم هذه السنة، وحصل له عند عوده تعظيم زائد، وتسلط على الشريف عدوه وآذاه كثيراً وعمل عليه إلى أن قتل في منزله غيلة وذهب دمه هدراً، وكان ذكياً فصيحاً حسن الملتقى والمباسطة يلقي الدروس بتأن وتؤدة مع ذلك كثير الإحسان للطلبة والواردين عليه بدمشق إلا أنه انعكس في ذلك في ولايته كتابة السر وصار على ضد ما كان يعهد منه، وكان كثير التلون سريع الاستحالة، وكان قتله في ليلة الاثنين ثاني ذي القعدة.
عمر بن طرخان بن شهري، الحاجب الكبير بحلب، مات في حادي عشري شهر رجب.