فيما مضى مثل ذلك إلا في سنة ست عشرة فإن الملك المؤيد صاحب حماة ذكر في تاريخه بنظير ذلك في هذا العصر أن النيل أوفى تاسع عشرى أبيب وقال إنه غريب.
وفي شعبان كانت الزلزلة، بغر ناطة وخسف بعدة أماكن وعدة مواضع وانهدم بعض القلعة، ودامت الأرض تهتز أياماً، وسقط من جدار الجامع الأعظم، وخاف أهل البلد كلهم فخرجوا إلى الصحراء.
وفيها غزاهم الفرنج فكادوا يقبضون عليهم قبض اليد، فأدركهم الله بالفرج، فخرج الشيخ يحيى بن عمر عثمان بن عبد الحق شيخ الغزاة في ألفين من الجند، وسار نصف الليل حتى بعد عن عسكر الفرنج، وقرر مع أهل البلد أن يخرجوا إلى الفرنج فإذا حملوا عليهم انهزموا أمامهم، ففعلوا وطمع الفرنج في أهل البلد - وإذا بالشيخ يحيى قد دهمهم بمن معه من خلفهم - فأطلق النيران في معسكرهم، فجاءهم الصريخ فرجعوا، فركب المسلمون أقفيتهم أسراً وقتلا، فقيل بلغ عدة القتلى زيادة على ثلاثين ألفاً والأسرى إثني عشر ألفاً.