وقدم القاهرة مراراً، وكان مثرياً وشكلاً حسناً وفصيحاً بليغاً، وكان باشر عند قطلبك استادار ايتمشن فاتفق أنه نقم عليه شيئاً فتهدده، ففر منه فنزل البحر إلى بلاد الروم في سنة ثمان وتسعين، فاتصل بابي يزيد ابن عثمان فعظمه، وأخذ أهل البلاد عنه علم القراآت وأكثروا عنه، ثم كان فيمن حضر الوقعة مع ابن عثمان واللنكية، فلما أسر ابن عثمان اتصل ابن الجزري باللنك فعظمه وفوض له قضاء شيراز فباشره مدة طويلة، وكان كثير الإحسان لأهل الحجاز، وأخذ عنه أهل تلك البلاد في القراآت وسمعوا عليه الحديث، ثم اتفق أنه حج سنة اثنتين وعشرين فنهب ففاته الحج وأقام بينبع ثم بالمدينة ثم دخل مكة، فجاور إلى أن حج ورجع إلى العراق، وكان كاتب المؤيد يأذن له في دخول القاهرة، فمات المؤيد في تلك السنة فرجع، ثم عاد في سنة ست وعشرين وحج ودخل القاهرة سنة ١٢٧ فعظمه الملك الأشرف وأكرمه وحج في آخرها وأقام قليلاً، ودخل اليمن تاجراً فاسمع الحديث عند صاحبها ووصله ورجع ببضاعة كثيرة، فقدم القاهرة في سنة سبع وأقام بها مدة إلى أن سافر على طريق الشام ثم على طريق البصرة إلى أن وصل إلى شيراز، وقد انتهت إليه رئاسة علم القراآت في الممالك، وكان قديماً صنف الحصن الحصين في الأدعية ولهج به أهل اليمن واستكثروا منه، وسمعوه علي قبل أن يدخل هو إليهم ثم دخل إليهم فأسمعهم، وحدث بالقاهرة بمسند أحمد ومسند الشافعي وبغير ذلك، وسمع بدمشق وبمصر من ابن أميلة