الليل إلا قليلاً حتى حزر مقدار ما ينامه بالليل أربع ساعات لا يزيد قط بل ربما نقصت، وليس له شغل إلا النظر في مصالح ملكه، وكان يؤذن بنفسه ويؤم بالناس في الجماعة ويكثر من الذكر ويقرب أهل الخير، وقد أبطل كثيراً من المفاسد والتركاس بتونس منها العيالة وهو مكان يباع فيه الخمر للفرنج ويحصل منه في السنة شئ كثير وكان لأكثر الجيش عليه رواتب فأبطله وعوضهم - وأخرج المحسس بولده، قال - وشكى إليه قلة القمح - بالسوق - فدعا تجاره فعرض عليهم قمحاً من عنده وقال: أريد بيع هذا بسعر دينار ونصف، فاسترخصوه، فأمر ببيعه بذلك السعر وأن لا يشتري أحد من غيره بفوق ذلك، فاحتاجوا أن يبيعوا بذلك القدر فترك هو البيع فبلغه أنهم زادوا قليلاً فأمر بأن يباع ما عنده بسعر دينار واحد، وتقدم إلى خازنه أنه إن وجد القمح بالسوق لا يبيع من عنده شيئاً وإلا باع بسعر دينار فاضطروا إلى أن باعوا، فكانت تلك من أحسن الحيل في تمشية حال الناس، ولم يكن