وله نائب اسمه حيدر بن عزيز فخرج في جماعة لتحصيل القاتل، وكان تسحب هو وجماعة من عشيرته، فما ظفروا بأحد منهم - وكان ما سنذكره في السنة المقبلة.
وفي أواخر شوال مر صاحبنا القاضي محب الدين بن أبي الحسن البكري المصري نائب الحكم وكان قد سار مع الرجبية إلى مكة، فرأى وهو يطوف بالبيت بعض الصناع من المرخمين يحاول قلع لوح رخام من الحجر وهو في غاية الثبات ليلصقه على كيفية أخرى فأنكر عليه، فتوجه المذكور إلى شاد العمارة سودون المحمدي فذكر له ذلك، فسال عنه فقيل له إنه نائب الحكم عن الشافعي، فقال: لعل هذا هو الذي كاتب فينا، فأمر بإحضاره فأهانه وضربه تحت رجليه عصيات، ثم أراد أن يركبه حماراً ويطوف به فقيل له: إنه بريء مما اتهمته به وإنه كان حين ورود الكتاب مقيماً بالقاهرة، فندم على ذلك ولقيه في الطواف فاستحله؛ وكان المحب المذكور قد امتلأ غيظاً بما أصابه بغير جرم وكظم، فما لبث إن حم واستمر موعوكاً إلى أن قدم الحج فتوجه مع الركب المصري فمات باليبنع بعد أن رجع من زيارة المدينة النبوية - وقد ذكرت ذلك في ترجمته فيما سيأتي، وختم له بخير ولعله مات شهيداً؛ ورأت امرأة من أهل الصدق ليلة دفنه وهي مستيقظة على سطح كأن عمود نور أقبل من نحو المدينة إلى أن غاب في قبر المذكور، فأيقظت زوجها وأخرى من أقاربها، فشاهدوا ما شاهدت وأخبروا به، وفيه ورد الخبر بأنه خرج على الحاج بعد أن انفصلوا من المدينة ريح حارة وأعقبها سموم أضعفت