فعقد لهما مجلس بحضرة السلطان وتعصب الأكابر للصغرى، فوجد حكم الونائي لا يلاقي حكم الحمصي فأمر كاتبه أن يستوعب الصورة ويستمر بهما على الاشتراك، فلما تأملت وجدت حكم الونائي لا ينقض، فاعتل عليه وكيل الصغرى بأنه اسنده إلى ما ثبت عنده من تبذيرها وسفهها ولم يفسر التبذير والسفه فلا يقدح فيها، لاحتمال أن يكون من شهد بذلك يعتقد ما ليس بسفه سفهاً وما ليس بتبذير تبذيراً، وأخرج فتاوى جماعة من الشافعية بذلك، فتوقفت عن مراده لما تأملت في آخر حكم الونائي بعد اعتبار ما يجب اعتباره شرعاً فقلت: لو جاء فقال: فسر عندي بقادح وقد دخل في هذا الكلام كان مقبولاً منه، فاستشاط الوكيل وتوسلت موكلته إلى جمع كثير من الأكابر، فأبلغوا السلطان أن هذا الكلام تعصب للونائي، فصرح بعزل الاثنين، فلما بلغ كاتبه ذلك أقام بمنزله لا يجتمع بأحد، فلما كان ضحى يوم الخميس حضر إليه الحمصي رسولاً من السلطان على لسان الشيخ شمس الدين الرومي أحد جلساء السلطان فأمره بالاجتماع بالسلطان، فاجتمع به - فقص عليه القصة مفصلة، فعذره واعتذر إليه وقرره في الوظيفة، وكان قد صمم على عدم القبول من أول يوم، فاجتمع به القاضي الماضي المالكي وبلغه عن الجماعة ما يقتضي التخويف والتهديد