أنفس ورجع، ثم حمل ثانياً فصنع ذلك، ثم حمل ثالثاً فاستقبلوه بالسهام فأصابه سهم فسقط، فنزل فارس من المسلمين فحز رأسه وسار به إلى ملك المسلمين، فنصب رأسه على رمح ونادى في الكفار بقتل ملكهم، فانهزموا بغير قتال وتبعهم المسلمون فبادروهم أسراً وقتلاً، وصادفهم في تلك الحالة اجتماع عدة من الوحوش الكاسرة على جماعة من الغزلان اجتمعت في مكان، فثار بين الفريقين غبرة عظيمة وظنها الكفار نجدة من بلاد المسلمين من مصر أو غيرها، فاشتد رعبهم وانهزموا لا يلوي أحد على أحد، واشتد الغبار فقتل بعضهم بعضاً وكفى الله المؤمنين القتال؛ وجهز ملكهم بعض الأسرى إلى سلطان مصر، فسلمهم للأمير الزردكاش فحسن لهم الإسلام فأسلموا، ففرقهم السلطان على الأمراء.
وفي ليلة الجمعة الثامن من المحرم سقطت المنارة التي بالمدرسة، الفخرية القديمة في سويقة الصاحب، والمدرسة الفخرية - قديمة جداً من إنشاء فخر الدين بن - عثمان بعد الستمائة، وكانت مالت قليلاً فحذر السكان بالربع الذي يجاورها من سقوطها وهو موقوف عليها فتهاونوا في ذلك، فسقطت بالعرض على واجهة المدرسة ووجه الربع، فنزل بعض على بعض وهلك في الردم جماعة، فاجتمع الوالي والحاجب واستخرجوا كثيراً، فالقليل أحياء ولكن كل مصاب بيد أو رجل أو ظهر والنادر منهم، والأكثر من مات، فبلغ السلطان ذلك