للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف أنه باهليٌّ إسلاميٌّ. واسمُه خُويلدُ بن خالد بن مُحرِّث بن زُبيد بن مخروم بن صاهلةَ بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هُذيل. وذكر الهرماسُ بن صَعصعة الهُذليُّ عن أبيه أن أبا ذَؤيب الشاعر حدَّثه قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل، فاستشعرت حزناً، وبتُّ بأطولِ ليلة لا ينجاب دَيْجورُها، ولا يطلع نورُها. فظَلْتُ أقاسي طولها، حتى إذا كان قُرب السَّحر أَغفيتُ. فهتف بي هاتف، وهو يقول:

خَطبٌ جليلٌ أناخَ بالإسلامِ ... بين النَّخيلِ ومَعْقِدِ الآطامِ

قُبضَ النبيُّ محمدٌ فعيونُنا ... تُذْري الدموعَ عليهِ بالتَّسْجامِ

قال أبة ذؤيب: فوثبتُ من نومي فزِعاً، فنظرتُ إلى السماء فلم أرَ إلا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحاً يقع في العرب. وعلمتُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد قُبض أو هو ميِّت من علَّتهِ. فركبتُ ناقتي وسِرتُ. فلما أصبحت طلبت شيئاً أزجرُ به، فعنَّ لي شَيهم، يعني القنفذُ، وقد قبض على صِلِّ يعني الحيةَ، فهي تلتوي عليه، والشَّيهمُ يقضُمها حتى أكلها، فزجرت ذلك، فقلتُ: شَيهم شيء مهم، والتواء الصِّلِّ والتواء الناس عن الحقِّ على القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أوَّلت أكلَ الشَّيهم إياها غَلبةَ القائم بعده على الأمر. فَحَثثتُ ناقتي، حتى إذا كنتُ بالغابة زجرتُ الطائر، فأخبرني بوفاتهِ، ونَعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك، فتعوذتُ بالله من شرِّ ما عنَّ لي في طريقي، وقدِمْتُ المدينة، ولها ضجيجٌ بالبكاء كضجيج الحاجِّ إذا أهلُّوا بالإحرام. فقلتُ: مهْ. قالوا: قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئتُ إلى المسجد، فوجدته خالياً، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاصبتُ بابَه مُرْتجاً، وقيل: هو مُسجًّى، وقد خلا به أهلُه. فقلتُ: أين الناسُ؟ فقيل: في سقيفة بني ساعدة، صاروا إلى الأنصار. فجئتُ إلى السقيفة، فأصبت أبا بكرٍ وأبا عبيدة بن الجراح وسالماً وجماعةً من

<<  <  ج: ص:  >  >>