نقطع منه البراءة. فأدَّيت إلى عمر حقَّه، وعرفتُ له طاعته، وغزوتُ معه في جيوشه. فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلما قُبض ذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي، وأنا أظنُّ أن لا يعْدِلَ بي، ولكن خَشِيَ أن لا يعمل الخليفة بعده ذنبا إلا لحقه في قبره، فأخرج نفسه وولده. ولو كانت محاباة منه لآثرها بها ولده، فبرئ منها إلى رهط من قريش، أنا أحدهم. فلما اجتمع الرَّهط تذكَّرتُ في نفسي قرابتي وسالفتي وفضلي، وأنا أظنُّ أن لا يعدِلوا بي. فأخذ عبد الرحمن مواثيقنا على أن نسمع ونطيع من أمرنا، ثم أخذ بيد عثمان، فضرب بيده على يده.
فنظرتُ في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا ميثاقي قد أُخِذ لغيري. فبايعنا عثمان، فأدَّيتُ إليه حقَّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جيوشه. فكنتُ آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي. فلما أُصيب نظرت في أموري، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما بالصلاة قد مَضَيا، وهذا الذي أُخذ له ميثاقي قد أُصيب. فبايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين.
[بيعته]
وبويع لعلي، رضي الله عنه، بالخلافة يوم قُتِل عثمان، رحمه الله، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وتخلف عن بيعته منهم نفر، فلم يَهجهُم، ولم يُكرِهُهُم. وسئل عنهم، فقال:" أولئك قوم قعدوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل ". ورواية أخرى:" أولئك قوم خذلوا الحقَّ، ولم يبصروا الباطل ".
وتخلف عن بيعته أيضا معاوية ومن معه في جماعة أهل الشام. فكان منهم في صِفِّين بعد الجمل ما قد كان تغمَّد الله جميعهم بالغفران.
وقُتل مع عليٍّ في صفين أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر مالك بن كنانة بن قيس بن الحُصين بن لَوذين ويقال: لوذيم بن ثعلبة بن عَوف بن حارثة بن عامر بن يام بن عنس العنسيُّ المذحجيُّ. وعَنس بالنون أخو مرادٍ،