وحجَّ عمر بالناس عشر سنين متواليةً، ثم صدر إلى المدينة فقتله فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الاثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة، تتمة سنة وثلاث وعشرين. وروى سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيدٍ قال: سمعت سعيد بن المسيَّب يقول: قتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب، وطعن معه أثني عشر رجلاً، فمات منهم ستة. قال: فرمى عليه رجل من أهل العراق برنساً، ثم برك عليه. فلما رأى أنه لا يستطيع أن يتحرَّك وجأ نفسه فقتلها. وقال الواقديُّ: أخبرني نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق، وهو متكىء على يدي. فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، فقال: ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي؟ قال: كم بكثير. ثم قال خراجك؟ قال: دينار. قال: ما أرى أن أفعل، إنك لعامل محسن. وما هذا له عمر: ألا تعمل لى رخىِّ؟ قال: بلى. قال: فلما ولَّي قال أبو لؤلؤة: لأعملنَّ لك رحىً يتحدَّث بها ما بين المشرق والمغرب. قال: فوقع في نفسي قوله. قال: فلما كان في النِّداء لصلاة الصبح، وخرج عمر إلى الناس يؤذنهم للصلاة. قال ابن الزُّبير: وأنا في مُصلاَّي وقد اضطجع له عدوُّ الله أبو لؤلؤة، فضربه بالسكين ستَّ طعنات، إحداهن من تحت سُرته هي قتلتهُ. فصاح عمر: أين عبد الرحمن بن عوف؟ فقالوا: هو ذا يا أمير المؤمنين. قال: يقوم فيصلي بالناس. تقدم عبد الرحمن فصلَّى بالناس، وقرأ الركعتين، فقال:) قل هو الله أحد.. (و) قل يا أيها الكافرون ... (، واحتملوا عمر فأدخلوه منزله. فقال لأبنه عبد الله: اخرج فانظر من قتلني. فخرج عبد الله بن عمر فقال: من قتل أمير المؤمنين؟ فقالوا: أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شُعبة. فرجع فأخبر عمر، فقال: الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجلٍ يَحاجُّني بلا إله ألا الله. مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب كان يقول: اللهمَّ لا تجعل قتلي بيد رجلٍ صلَّى لك سجدةً واحدةً يَحاجُّني بها عندك يوم القيامة.