للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوارج ثم فارقهم، قال: دخلوا قرية، فخرج عبد الله بن خباب يجرُّ رداءه. فقالوا: لم تُرَع؟ مرتين. فقال والله لقد رُعتموني قالوا: أأنت عبد الله بن خبَّاب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثناه؟ قال: سمعته يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير فيها من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. قال: فإن أدركتها فكن عبد الله المقتول. قال أيوب: ولا أعلمه إلا قال: ولا تكُن عبد الله القاتل. قالوا: أأنت سمعت هذا من أبيك يُحدِّث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. فقدَّموه على ضفَّة النهر، فضربوا عنقه، فسال دمه كأنه شِراك ما امذفرَّ، يعني: ما اختلط بالماء الدَّم، وبقروا أمَّ ولده عمَّا في بطنها.

وقال المبرد في الكامل: إن الخوارج قالوا لعبد الله بن خباب: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى خيرا. فقالوا له: فما تقول في علي قبل التحكيم؟ وفي عثمان ستَّ سنين؟ فأثنى خيرا. وقالوا: فما تقول في الحكومة والتحكيم؟ قال: أقول: إنَّ عليا أعلم بالله منكم وأشدُّ توقِّيا لدينه، وأنفذ بصيرة. قالوا: إنك لست تتبع الهدى، إنَّما تتبع الرجال على أسمائها. ثم قرَّبوه إلى شاطئ النهر فذبحوه، فامْذفر دمه، أي جرى مستطيلا على ذقنه.

وساموا رجلا نصرانيا بنخلة، فقال: هي لكم. فقالوا: ما كنا لنأخذها إلا بثمن. فقال: ما أعجب هذا! تقتلون مثل عبد الله بن خباب، ولا تقبلون منا نخلة إلا بثمن؟ وكان قتلُ عبد الله بقرية يُقال لها " كَسْكَر " فبهذا السبب استحلَّ عليٌّ قتالهم، واستئصالهم بالقتل.

[قتل علي الخوارج]

وخرج إليهم رضي الله عنه بمن معه، ورام رجعتهم، فأبوا إلا القتال. وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>