عليٌّ أرسل إليهم عبد الله بن عباس، فاجتمع معهم واحتجَّ عليهم بحُجج من كتاب الله عزَّ وجلَّ، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر حتى قطعهم: ولم يجدوا جوابا لما قال. فقال بعضهم لبعض: دعوه عنكم ولا تجيبوه، فلن تُطيقوا مخاصمة ابن عباس، فإنه من القوم الذين قال الله تعالى فيهم:) بل هم خصِمون (وقال جلَّ ثناؤه:) وتُنْذِرُ به قوماً لُدّاً (.
وكان فيهم مَن تبيَّن له الحقُّ. فرجع معه منهم من " حَروراء " ألفان إلى الحقِّ. وصدَّقوا ابن عباس فيما قال، ولزموا عليَّا. وأما الباقون فمكثوا على ضلالهم وعنادهم، وهم أهل النهروان، وكانوا ستة آلاف. فقتل منهم علي في النهروان ألفين وثماني مئة في أصحِّ الأقاويل. وقُتل معهم رئيسهم عبد الله بن وهبذو التَّفنات الراسبيُّ الأزديُّ من بني راسب بن مالك بن مَيْدَعَان بن مالك بن نضر ابن الأزد بن الغوث.
ثم جمعوا لعلي بعد ذلك بالنُّخَيلة، فقتلهم أجمعين، ولم يُفلت منهم إلا ثمانيو، ولم يُقتل من عسكر علي غير تسعة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عليا خبرهم، وأنه يقتلهم. وآية ذلك أنَّ أحدهم إحدى عَضديه مثل ثدي المرأة. فلما قتلهم عليٌّ أمر بتفتيش المُخْدَج اليد. فلم يوجد، فتغيَّر وجه علي، وقال:" والله ما كَذِبتُ ولا كُذِّبْت، فتشوه ". ففتشوه فوجدوه في وهدة من الأرض بين القتلى. فلما رآه علي كبَّر وحمد الله تعالى.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدريِّ قال: بينما نحن عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو يقسم قَسما أتاه ذو الخُوَيصِرة؛ رجل من بني