للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبوهما مالك بن أُدَد، وهو جِماع مَذْحِج. وكان ياسر أبو عمَّار قَدِم مكة من اليمن. فحالف أبا حُذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. فزوَّجه أبو حُذيفة أمة له يقال لها سُميَّة بنت خياط، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة. فمن هاهنا هو عمار مولى لبني مخزوم، وأبوه عربي كما ذُكر.

وكان عمار وأمُّه سُميَّة وأبوه ياسر ممَّن عُذِّب في الله. ثم أعطاهم عمار ما أرادوا بلسانه. واطمأنَّ بالإيمان قلبه، فنزلت فيه: " إلا مَن أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان "، وهذا مما اجتمع عليه أهل التفسير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ بهم، وهم يُعذَّبون، فيقول لهم: " صبرا آل ياسر، صبرا آل ياسر، فإنَّ موعدكم الجنَّة. اللهمَّ اغفر لآل ياسر، وقد فعلتَ ".

وأمُّه سميَّة فيما روى سفيان وشُعبة وجرير عن منصور، وعن مجاهد بن جبر، أول شهيد استُشهد في الإسلام. وروى أبو رزين عن عبد الله بن مسعود قال: إنَّ أبا جهل طعن بحربة في فخذ سميَّة، أمَّ عمار عتى بلغت فرجها، فماتت. فقال عمار: يا رسول الله، بلغ منَّا العذاب كلَّ مبلغ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صبرا أبا اليقظان، اللهمَّ لا تُعذِّب من آل ياسر أحدا بالنار ".

وقال مجاهد: أول من أظهر الإسلام وأبو بكر وبلال وصهيب وخبَّاب وعمار وسميَّة أمُّ عمار.

وهاجر عمار إلى أرض الحبشة، وصلى القبلتين، وهو من المهاجرين الأولين. ثم شهد بدرا والمشاهد كلَّها. وأبلى ببدر بلاء حسنا. ثم شهد اليمامة فأبلى فيها أيضا، ويومئذ قُطعت أذنه.

وذكر الواقديُّ: حدَّثنا عبد الله بن نافع عن أبيه، وعن عبد الله بن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، وقد أشرف يصيح: " يا معشر المسلمين أمِن الجنَّة تفرُّون؟ أنا عمار بن ياسر، هلُمُّوا إلي ". وأنا أنظر إلى أذنه، قد قُطِعت، فهي تذبذب، وهو يقاتل أشدَّ القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>