وحمزة سيد الشهداء استشهد يوم أحد، قتله " وحشي " غلام جُبير بن مُطعم. ويكنّى وحشي أبا وسمة. وأسلم وحشي بعد فتح مكة والطائف. وكان يخاف أن يُقتل إن ظُفر به. فقال له رجل: ويحك أن محمدا لا يقتل أحدا من الناس دخل في دينه، فقدِم المدينة فلم يَرُعْ رسول الله صلى عليه وسلم إلا وهو قائم على رأسه يستشهد شهادة الحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أَوَحشيُّ ". قال نعم يا رسول الله. فقال " اقعد فحدِّثني كيف قتلت حمزة ". فقال وحشي: فلما فرغت من حديثي قال لي: " ويحك غيِّب عني وجهك، فلا أريَنَّك ". قال: فكنت أتنكَّب رسول الله حيث كان لئلا يراني، حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم، وأستُخلف أبو بكر. فلما خرج المسلمون إلى مُسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجتُ معهم وأخذتُ حربتي التي قتلتُ بها حمزة. فلما التقى الناس رأيتُ مسيلمة قائما، في يده السيف، وما أعرفهُ فتهيأتُ له، وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى، كلانا يريده. فهززتُ حربتي، حتى إذا رضيتُ منها دفعتُها عليه فوقعتْ فيه. وشدَّ عليه الأنصاريُّ فضربه بالسيف، فربُّك أعلم أيُّنا قتله. فإن كنت قتلت حمزة فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كنت قتلت مسيلمة فقد قتلت شرَّ الناس.
ودُفن حمزة رضي الله عنه بأُحُد حيث قُتل في بُرده لم يُغسل. قال ابن عباس: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُجِّي ببُرده، ثم صلى عليه فكبَّر سبع تكبيرات ثن أُتي بالقتلى يوضعون إلى حمزة، فيُصلِّي عليهم وعليه معهم حتَّى صلَّى عليه ثِنتين وسبعين صلاة. وكان قد مثل به المشركون، فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " ما وقفتُ موقفا قطُّ أَغيظَ عليَّ من هذا، لن أُصاب بمثلك أبدا ". وجاءت أخته شقيقته صفية لتنظر إليه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوَّام ابنها أن يأمرها بالرجوع. فقال لها الزبير يا أمَّاه إِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمرك بالرجوع. فقالت: يا بُنَيَّ، ما أردت إلا أن أراه فأترحَّم عليه، وأسترجع. فقد بلغني أنَّه قد مُثِّل بأخي، وذلك في الله قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك. لأحتسبنَّ ولأصبرنَّ إن شاء الله. فأخبر الزبير بذلك النبيَّ عليه السلام. فقال: خلِّ سبيلها. فأتته، فنظرت إليه،