وكان صلى الله عليه وسلم يقول:" ما من نبي إلا وقد رعى غنما ". قيل: وأنت يا رسول الله؟ قال:" وأنا ". وكان عليه السلام يقول لأصحابه " أنا أعربكم؛ أنا قرشي، واسترضعت في بني سعد بن بكر ". وفي حديث آخر أنه قال صلى الله عليه وسلم:" أنا أفصح العرب بيد أنا من قريش، واسترضعت في بني سعد بن بكر ".
وتوفيت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبن ستِّ سنين بالأبواء بين مكة والمدينة. وكانت أمُّه أخرجته معه إلى أخوال أبيه بني النجار بالمدينة، تزورهم هي فتوفيت وهو معها، فردّته حاضنته أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورثها عن أبيه. وهي أمُّ أسامة بن زيد بن حارثة، وابنها أيمن بن عبيد الحبشيُّ الذي تكنى به، استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فكفله بعد أمُّه جدُّه عبد المطَّلب، وكان مع أمِّه وجدِّه في كلاءة الله تعالى وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يرد به من كرامته.
وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظلِّ الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي، وهو غلام جفر، حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخِّروهُ عنه، فيقول عبد المطلب، إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني، فوالله إن له لشأنا. ثم يجلسه معه عليه، يمسح ظهره بيده، ويسرّه ما يراه يصنع. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين هلك جدُّه عبد المطلب. وعمي عبد المطلب في آخر عمره، وأوصى بالنبيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. فصار في حجر عمِّه أبي طالب حتى بلغ خمسة عشر سنة. وكاب أبو طالب يحبُّه، ثم انفرد بنفسه. وكان مائلا إلى عمِّه أبي طالب لوجاهته في بني هشام، وكان مع ذلك شقيق أبيه.
وخرج النبيِّ صلى الله عليه وسلم مه عمِّه أبو طالب في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشر من الفيل، فرآه بحيرا الراهب فقال: احتفظوا به فإنه نبي. وشهد صلى الله عليه وسلم حرب الفجار، وهو أبن عشرين سنة. وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، وهو أبن خمس وعشرين سنة، فرآه نسطور الراهب، وقد أضلته غمامة فقال: هذا نبي.