للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم. ولم يَنكِح عليها امرأة حتى ماتت، وربَّى ابنها هنداً وهالة. وكان هند يقول أنا أكرم الناس أبا وأما وأخا وأختا، أبي رسول الله، وأمي خديجة، وأختي فاطمة، وأخي القاسم.

وخديجة أول مؤمن بالله من الرجال والنساء، قال الزهريُّ وقتادة وابن إسحاق. وروى هشام بن عروة عن أبيه قال: أوّل من آمن بالنبيِّ عليه السلام من الرجال والنساء خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وكانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وزير صدق عندما بُعث فكان لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه من ردٍّ عليه وتكذيب له، إلاَّ فرَّج الله بها عنه، تثبِّته وتُصدِّقه وتُخفِّف عنه وتُهوِّن عليه ما يلقى من قومه. واختارها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لما أراد بها من كرامته. وروي من وجوه صحاح أن النبيّض صلى الله عليه وسلم قال: " يا خديجة هذا جبريل يُقرئك من ربك السلام ". فقالت خديجة: الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام. وبشَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله ببيت من قصب لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب. والقصبُ: اللؤلؤ المجوَّف، قاله ابن هشام. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد "، روى هذا الحديث أبو هريرة، وروى هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: ما غرتُ على امرأة ما غرتُ على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، ولكنَّ ذلك لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وإن كان ليذبح الشاة فيتتبَّع به صدائق خديجة يُهديها لهنَّ. وروى الشعبيُّ عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكرها فيُحسن الثناء عليها. فذكرها يوم من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا؟ فقد أبدلك الله خيرا منها، فغضِبَ حتّى اهتزَّ مُقدَّمُ شعره من الغضب، ثم قال: " لا والله ما أبدلني خيرا منها؛ آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء ". قالت عائشة: فقلتُ في نفسي: لا أذكرها بسُبَّة أبدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>